« رؤيا الأنبياء في المنام وحي
». ﴿ فانظُرْ ماذا تَرَى ﴾ لم يقل له ذلك على وجه المؤامرة في أمر الله سبحانه، وفيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه قاله إخباراً بما أمره الله تعالى به ليكون أطوع له.
الثاني : أنه قاله امتحاناً لصبره على أمر الله تعالى.
الثالث : أي ماذا تريني من صبرك أو جزعك، قاله الفراء.
﴿ قال يا أبت افْعَلْ ما تؤمرُ ﴾ الآية. فيه وجهان :
أحدهما : على الذبح، قاله مقاتل.
الثاني : على القضاء، حكاه الكلبي، فوجده في الامتحان صادق الطاعة سريع الإجابة قوي الدين.
قوله تعالى :﴿ فلما أسْلَما ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : اتفقا على أمر واحد، قاله أبو صالح.
الثاني : سلما لله تعالى الأمر، وهو قول السدي.
قال قتادة : سلم إسماعيل نفسه لله، وسلم إبراهيم ابنه لله تعالى.
﴿ وتله للجبين ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : معناه صرعه على جبينه، قاله ابن عباس، والجبين ما عن يمين الجبهة وشمالها، قال الشاعر :
وتله أبو حكم للجبين | فصار إلى أمِّه الهاوية |
الثالث : أنه وضع جبينه على تل، قاله قطرب.
وحكى مجاهد عن إسحاق أنه قال : يا أبت اذبحني وأنا ساجد، ولا تنظر إلى وجهي فعسى أن ترحمني فلا تذبحني.
﴿ وناديناه أن يا إبراهيم قد صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ أي عملت ما رأيته في المنام، وفي الذي رآه ثلاثة أقاويل :
أحدها : أن الذي رآه أنه قعد منه مقعد الذابح ينتظر الأمر بإمضاء الذبح.
الثاني : أن الذي رآه أنه أمر بذبحه بشرط التمكين ولم يمكن منه لما روي أنه كان كلما اعتمد بالشفرة انقلبت وجعل على حلقه صفيحة من نحاس.
الثالث : أن الذي رآه أنه ذبحه وقد فعل ذلك وإنما وصل الله تعالى الأوداج بلا فصل.
﴿ إنا كذلك نجزِي المحسنين ﴾ بالعفو عن ذبح ابنه.
وفي الذبيح قولان مثل اختلافهم في الحليم الذي بشر به.
أحدهما : أنه إسحاق، قاله علي رضي الله عنه وعبد الله بن مسعود وكعب الأحبار وقتادة والحسن. قال ابن جريج ذبح إبراهيم ابنه إسحاق وهو ابن سبع سنين وولدته سارة وهي بنت تسعين سنة.
وفي الموضع الذي أراد ذبحه فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : بمكة في المقام.
الثاني : في المنحر بمنى.
الثالث : بالشام، قاله ابن جريج وهو من بيت المقدس على ميلين. ولما علمت سارة ما أراد بإسحاق بقيت يومين وماتت في اليوم.
القول الثاني : أنه إسماعيل، قاله ابن عباس وعبد الله بن عمر ومحمد بن كعب وسعيد بن المسيب، وأنه ذبحه بمنى عند الجمار التي رمى إبليس في كل جمرة بسبع حصيات حين عارضه في ذبحه حتى جمر بين يديه أي أسرع فسميت جماراً.
وحكى سعيد بن جبير أنه ذبحه على الصخرة التي بأصل ثبير بمنى :
قوله تعالى :﴿ إنَّ هذا لهو البلاءُ المبين ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : الاختبار العظيم، قاله ابن قتيبة.