﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ فيه أربعة أوجه :
أحدها : بالساحل، قاله ابن عباس.
الثاني : بالأرض، قاله السدي، قال الضحاك : هي أرض يقال لها بلد.
الثالث : موضع بأرض اليمن.
الرابع : الفضاء الذي لا يواريه نبت ولا شجر، قال الشاعر :
ورفعت رِجْلاً لا أخاف عثارها | ونبذت بالبلد العراء ثيابي |
أحدهما : كهيئة الصبي، قاله السدي.
الثاني : كهيئة الفرخ الذي ليس له ريش، قاله ابن مسعود لأنه ضعف بعد القوة، ورق جلده بعد الشدة.
قوله تعالى :﴿ وأنبتنا عليه شجرة من يقطين ﴾ فيها خمسة أقاويل :
أحدها : أنه القرع، قاله ابن مسعود.
الثاني : أنه كل شجرة ليس فيها ساق يبقى من الشتاء إلى الصيف، قاله سعيد بن جبير.
الثالث : أنها كل شجرة لها ورق عريض، قاله ابن عباس.
الرابع : أنه كل ما ينبسط على وجه الأرض من البطيخ والقثاء، رواه القاسم بن أبي أيوب.
الخامس : أنها شجرة سماها الله تعالى يقطيناً أظلته رواه هلال بن حيان. وهو تفعيل من قطن بالمكان أي أقام إقامة زائل لا إقامة راسخ كالنخل والزيتون، فمكث يونس تحتها يصيب منها ويستظل بها حتى تراجعت نفسه إليه، ثم يبست الشجرة فبكى حزناً عليها، فأوحى الله تعالى إليه : أتبكي على هلاك شجرة ولا تبكي على هلاك مائة ألف أو يزيدون؟ حكاه ابن مسعود.
وحكى سعيد بن جبير أنه لما تساقط ورق الشجر عنه أفضت إليه الشمس فشكاه فأوحى الله تعالى إليه : يا يونس جزعت من حر الشمس ولم تجزع لمائة ألف أو يزيدون تابوا إليّ فتبت عليهم.
قوله تعالى :﴿ وأرسلناه إلى مائة ألفٍ أو يزيدون ﴾ فيهم قولان :
أحدهما : أنه أرسل إليهم بعدما نبذه الحوت، قاله ابن عباس، فكان أرسل إلى قوم بعد قوم.
الثاني : أنه أرسل إلى الأولين فآمنوا بشريعته، وهو معنى قول ابن مسعود.
وفي قوله :﴿ أو يزيدون ﴾ ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه للإبهام كأنه قال أرسلناه إلى أحد العددين.
الثاني : أنه على شك المخاطبين.
الثالث : أن معناه : بل يزيدون، قاله ابن عباس وعدد من أهل التأويل، مثله قوله فكان قاب قوسين أو أدنى يعنى بل أدنى، قال جرير :
أثعلبة الفوارس أو رباحاً | عدلت بهم طهية والخشابا |
واختلف من قال بهذا في قدر زيادتهم على مائة ألف على خمسة أقاويل :
أحدها : يزيدون عشرين ألفاً، رواه أُبي بن كعب مرفوعاً.
الثاني : يزيدون ثلاثين ألفاً، قاله ابن عباس.
الثالث : يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً، قاله الحكم.
الرابع : بضعة وأربعين ألفاً رواه سفيان بن عبد الله البصري.
الخامس : سبعين ألفاً، قاله سعيد بن جبير.