﴿ له تسع وتسعونَ نعجةً وليَ نعجةٌ واحدةٌ ﴾ فيها وجهان :
أحدهما : أنه أراد تسعاً وتسعين امرأة، فكنى عنهن، بالنعاج، قاله ابن عيسى. قال قطرب : النعجة هي المرأة الجميلة اللينة.
الثاني : أنه أراد النعاج ليضربها مثلاً لداود، قاله الحسن.
﴿ فقال أكفلنيها ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : ضمها إليَّ، قاله يحيى.
الثاني : أعطنيها، قاله الحسن.
الثالث : تحوّل لي عنها، قاله ابن عباس وابن مسعود.
﴿ وعزّني في الخطاب ﴾ فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : أي قهرني في الخصومة، قاله قتادة.
الثاني : غلبني على حقي، من قولهم من عزيز أي من غلب سلب، قاله ابن عيسى.
الثالث : معناه إن تكلم كان أبين، وإن بطش كان أشد مني، وإن دعا كان أكثر مني، قاله الضحاك.
قوله تعالى :﴿ قال لقد ظَلَمَكَ بسؤال نعجتِك إلى نعِاجه ﴾ فإن قيل فكيف يحكم لأحد الخصمين على الآخر بدعواه؟ ففيه جوابان :
أحدهما : أن الآخر قد كان أقر بذلك فحكم عليه داود عليه السلام بإقراره، فحذف اكتفاء بفهم السامع، قاله السدي.
الثاني : إن كان الأمر كما تقول لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه.
﴿ وإنَّ كثيراً من الخُلَطاءِ ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : الأصحاب.
الثاني : الشركاء.
﴿ لَيَبْغِي بعضهم على بعض ﴾ أي يتعدى.
﴿ إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ﴾ تقديره فلا يبغي بعضهم على بعض، فحذف اكتفاء بفهم السامع.
﴿ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : وقليل ما فيه من يبغي بعضهم على بعض، قاله ابن عباس.
الثاني : وقليل من لا يبغي بعضهم على بعض، قاله قتادة.
وفي ﴿ ما ﴾ التي في قوله ﴿ وقليل ما هم ﴾ وجهان :
أحدهما : انها فضلة زائدة تقديره : وقليل هم.
الثاني : أنها بمعنى الذي : تقديره : وقليل الذي هم كذلك.
﴿ وظن داود أنما فتناه ﴾ قال قتادة أي علم داود أنما فتناه وفيه ثلاثة أوجه :
أحدها : اختبرناه، قاله ابن عباس.
الثاني : ابتليناه، قاله السدي.
الثالث : شددنا عليه في التعبد، قاله ابن عيسى.
﴿ فاستغفر ربَّه ﴾ من ذنبه. قال قتادة : قضى نبي الله على نفسه ولم يفطن لذلك، فلما تبين له الذنب استغفر ربه.
واختلف في الذنب على أربعة أقاويل :
أحدها : أنه سمع من أحد الخصمين وحكم له قبل سماعه من الآخر.
الثاني : هو أن وقعت عينه على امرأة أوريا بن حنان واسمها اليشع وهي تغتسل فأشبع نظره منها حتى علقت بقلبه.
الثالث : هو ما نواه إن قتل زوجها تزوج بها وأحسن الخلافة عليها، قاله الحسن.
وحكى السدي عن علي كرم الله وجهه قال : لو سمعت رجلاً يذكر أن داود قارف من تلك المرأة محرَّماً لجلدته ستين ومائة لأن حد الناس ثمانون وحد الأنبياء ستون ومائة، حَدّان.
﴿ وخَرّ راكعاً وأناب ﴾ أي خرّ ساجداً وقد يعبر عن السجود بالركوع، قال الشاعر :

فخر على وجهه راكعاً وتاب إلى الله من كل ذنب
قال مجاهد : مكث أربعين يوماً ساجداً لا يرفع رأسه حتى نبت المرعى من دموع عينه فغطى رأسه إلى أن قال الله تعالى :
﴿ فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب ﴾ أي مرجع.


الصفحة التالية
Icon