قوله تعالى :﴿ واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصبٍ وعذابٍ ﴾ قيل هو أيوب بن حوص بن روعويل وكان في زمن يعقوب بن إسحاق، وتزوج بنته إليا بنت يعقوب وكانت أمّه بنت لوط عليه السلام، وكان أبوه حوص ممن آمن بإبراهيم عليه السلام.
وفي قوله ﴿ مسني الشيطان ﴾ وجهان :
أحدهما : أن مس الشيطان وسوسته وتذكيره بما كان فيه من نعمة وما صار إليه من محنة، حكاه ابن عيسى.
الثاني : الشيطان استأذن الله تعالى أن يسلطه على ماله فسلطه، ثم أهله وداره فسلطه، ثم جسده فسلطه، ثم على قلبه فلم يسلطه، قال ابن عباس فهو قوله :﴿ مسني الشيطان ﴾ الآية.
﴿ بنصب وعذاب ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : يعني بالنصب الألم وبالعذاب السقم، قاله مبشر بن عبيد.
الثاني : النصب في جسده، والعذاب في ماله، قاله السدي.
الثالث : أن النصب العناء، والعذاب البلاء.
قوله تعالى :﴿ اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشرابٌ ﴾ قال قتادة هما عينان بأرض الشام في أرض يقال لها الجابية. وفيهما قولان :
أحدهما : أنه اغتسل من إحداهما فأذهب الله تعالى ظاهر دائه وشرب من الأخرى فأذهب الله باطن دائه، قاله الحسن.
الثاني : أنه اغتسل من إحداهما فبرىء، وشرب من الأخرى فروي، قاله قتادة.
وفي المغتسل وجهان :
أحدهما : أنه كان الموضع الذي يغتسل منه، قاله مقاتل.
الثاني : أنه الماء الذي يغتسل به، قاله ابن قتيبة.
وفي مدة مرضه قولان :
أحدهما : سبع سنين وسبعة أشهر، قاله ابن عباس.
الثاني : ثماني عشرة سنة رواه أنس مرفوعاً.
قوله تعالى :﴿ ووهبنا له أهله ومثلهم معهم ﴾ وفيما أصابهم ثلاثة أقويل :
أحدها : أنهم كانوا مرضى فشفاهم الله.
الثاني : أنهم غابوا عنه فردهم الله عليه، وهذا القولان حكاهما ابن بحر.
الثالث : وهو ما عليه الجمهور أنهم كانوا قد ماتوا.
فعلى هذا في هبتهم له ومثلهم معهم خمسة أقاويل :
أحدها : أن الله تعالى رد عليه أهله وولده ومواشيه بأعيانهم، لأنه تعالى أماتهم قبل آجالهم ابتلاء ووهب له من أولادهم مثلهم، قاله الحسن.
الثاني : أن الله سبحانه ردهم عليه بأعيانهم ووهب له مثلهم من غيرهم قاله ابن عباس.
الثالث : أنه رد عليه ثوابهم في الجنة ووهب له مثلهم في الدنيا، قاله السدي.
الرابع : أنه رد عليه أهله في الجنة، وأصاب امرأته فجاءته بمثلهم في الدنيا.
الخامس : أنه لم يرد عليه منهم بعد موتهم أحداً وكانوا ثلاثة عشرا ابناً فوهب الله تعالى له من زوجته التي هي أم من مات مثلهم فولدت ستة وعشرين ابناً، قاله الضحاك.
﴿ رحمة منا ﴾ أي نعمة منا.
﴿ وذكرَى لأولي الألباب ﴾ أي عبرة لذوي العقول.
قوله تعالى :﴿ وخُذْ بيدك ضِغْثاً فاضرب له ولا تحنثْ ﴾ كان أيوب قد حلف في مرضه على زوجته أن يضربها مائة جلدة.