الثالث : أنه قال [ ذلك ] استقالة من ذنبه ورغبة إلى ربه.
الرابع : أنه شكا ضعفه وضره استعطافاً لرحمته، فكشف بلاءه فقيل له :﴿ ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ ﴾ [ ص : ٤٢ ] فركض برجله فنبعت عين، فاغتسل منها وشرب فذهب باطن دائه وعاد إليه شبابه وجماله، وقام صحيحاً، وضاعف الله له ما كان من أهل ومال وولده.
ثم إن امرأته قالت : إن طردني فإلى من أكلِه؟ فَرَجَعَتْ فلم تَرَهُ، فجعلت تطوف وتبكي، وأيوب يراها وتراه فلا تعرفه فلما سألته عنه وكلمته فعرفته، ثم إن الله رحمها لصبرها معه على البلاء، فأمره أن يضربها بضِغث ليبّر في يمينه، قاله ابن عباس. وكانت امرأته ماخيرا بنت ميشا بن يوسف بن يعقوب.
﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وءَاتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ ﴾.
قال ابن مسعود : رد الله إليه أهله الذين أهلكهم بأعيانهم، وأعطاه مثلهم معهم. قال الفراء كان لأيوب سبع بنين وسبع بنات فماتواْ في بلائه، فلما كشف الله ضره رَدّ عليه بنيه وبناته وولد له بعد ذلك مثلهم، قال الحسن : وكانوا ماتوا قبل آجالهم فأحياهم الله فوفاهم آجالهم، وأن الله أبقاه حتى أعطاهم من نسلهم مثلهم.