قوله تعالى :﴿ وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ ﴾ فيه تأويلان :
أحدهما : معناه حرام على قرية وجدناها هالكة بالذنوب أنهم لا يرجعون إلى التوبة، وهو قول عكرمة.
الثاني : وحرام على قرية أهلكناها بالعذاب أنهم لا يرجعون إلى الدنيا، وهذا قول الحسن، وقرأ أبن عباس : وحَرُم على قرية، وتأويلها ما قاله سفيان : وجب على قرية أهلكناها. [ أنهم لا يرجعون قال : لا يتوبون ].
قوله تعالى :﴿ حَتَّى إِذَا فُتِحتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ ﴾ أي فتح السد، وهو من أشراط الساعة، وروى أبو هريرة عن زينب بنت جحش قالت : كان رسول الله ﷺ نائماً في بيته، فاستيقظ محمرة عيناه، فقال :« لاَ إِله إِلاَّ اللَّهَ ثَلاَثاً، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِن شَرٍ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ اليَومَ مِن رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجُ مِثْلَ هذَا » وأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عِقْدِ التِّسْعِينَ.
ويأجوج ومأجوج قيل إنهما أخوان، وهما ولدا يافث بن نوح، وفي اشتقاق اسميهما قولان :
أحدهما : أنه مشتق من أَجّت النار.
والثاني : من الماء الأُجاج. وقيل إنهم يزيدون على الإِنس الضعف.
﴿ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ ﴾ وفي حدب الأرض ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه فجاجها وأطرافها، قاله ابن عباس.
والثاني : حولها.
الثالث : تلاعها وآكامها، مأخوذ من حدبة الظهر، قال عنترة :

فما رعشت يداي ولا ازْدَهاني تواترهم إليَّ من الحِداب
وفي قوله :﴿ يَنسِلُونَ ﴾ وجهان :
أحدها : معناه يخرجون، ومنه قول امرىء القيس :
فسلي ثيابي من ثيابك تنسلِ... والثاني : معناه يسرعون، ومنه قول الشاعر :
عسلان الذئب أمسى قارباً برد الليل عليه فنسل
وفي الذي هم من كل حدب ينسلون قولان :
أحدهما : هم يأجوج ومأجوج، وهذا قول ابن مسعود.
الثاني : أنهم الناس يحشرون إلى الموقف.


الصفحة التالية
Icon