قوله تعالى :﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَكَفَرْتُم بِهِ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : إن كان القرآن من عند الله وكفرتم به، قاله يحيى.
الثاني : إن كان محمد ﷺ نبياً من عند الله وكفرتم به، قاله الشعبي.
﴿ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ بَني إِسْرَآئِيلَ عَلَى مِثْلِهِ ﴾ فيه خمسة أقاويل :
أحدها : أنه عبد الله بن سلام شهد على اليهود أن رسول الله ﷺ مذكور في التوراة، قاله ابن عباس، وعكرمة، وقتادة، ومجاهد.
الثاني : أنه آمين بن يامين، قال لما أسلم عبد الله بن سلام : أنا شاهد مثل شهادته ومؤمن كإيمانه، قاله السدي.
الثالث : أن موسى مثل محمد ﷺ يشهد بنبوته، والتوراة مثل القرآن يشهد بصحته، قاله مسروق. ولم يكن في عبد الله بن سلام لأنه أسلم بالمدينة والآية مكية.
الرابع : هو من آمن من بني إسرائيل بموسى والتوراة، قاله الشعبي.
الخامس : أنه موسى الذي هو مثل محمد صلى الله عليهما شهد على التوراة. التي هي مثل القرآن، حكاه ابن عيسى.
﴿ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ ﴾ أنتم عن الإيمان بمحمد ﷺ، قاله مسروق.
وفي قولان :
أحدهما : فآمن عبد الله بن سلام برسول الله ﷺ وبالقرآن واستكبر الباقون عن الإيمان، قاله ابن عباس.
الثاني : فآمَن مَن آمن بموسى وبالتوراة واستكبرتم أنتم عن الإيمان بمحمد ﷺ والقرآن، قاله مسروق. وحكى النقاش أن في الآية تقديماً وتأخيراً تقديره : قل أرأيتم إن كان من عند الله وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن هو وكفرتم.
وقال ابن عيسى : الكلام على سياقه ولكن حذف منه جواب إن كان من عند الله وفي المحذوف ثلاثة أوجه :
أحدها : تقديره : وشهد شاهد من بني إسرائيل فآمن، أتؤمنون؟ قاله الزجاج.
الثاني : تقدير المحذوف : فآمن واستكبرتم أفما تهلكون، قاله مذكور.
الثالث : تقدير المحذوف من جوابه : فمن أضل منكم إن الله لا يهدي القوم الظالمين.
قوله تعالى :﴿ وَقَالَ الِّذِينَ كَفَرُواْ لِلِّذِينَ ءَامَنُواْ لَوْ كَانَ خَيراً مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ ﴾ وفي سبب نزول هذه الآية أربعة أقاويل :
أحدها : أن أبا ذر الغفاري دعاه النبي ﷺ إلى الإسلام بمكة فأجاب واستجاب به قومه فأتاه زعيمهم فأسلم، ثم دعاهم الزعيم فأسلموا فبلغ ذلك قريشاً فقالوا : غفار الخلفاء لو كان خيراً ما سبقونا إليه. فنزلت، قاله أبو المتوكل.
الثاني : أن زنيرة أسلمت فأصيب بصرها، فقالوا لها : أصابك اللات والعزى، فرد الله عليها بصرها، فقال عظماء قريش : لو كان ما جاء به محمد خير ما سبقتنا إليه زنيرة فنزلت، قاله عروة بن الزبير.


الصفحة التالية
Icon