قوله تعالى :﴿ وَإذ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ القُرْءَانَ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أنهم صرفوا عن استراق سمع السماء برجوم الشهب ولم يكونوا بعد عيسى صرفوا عنه إلا عند مبعث النبي ﷺ، فقالوا : ما هذا الذي حدث في الأرض؟ فضربوا في الأَرض حتى وقفوا على النبي ﷺ ببطن نخلة عائداً إلى عكاظ وهو يصلي الفجر، فاستمعوا القرآن ونظروا كيف يصلي ويقتدي به أصحابه، فرجعوا إلى قومهم فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجباً، قاله ابن عباس.
وحكى عكرم أن السورة التي كان يقرأها ببطن نخلة ﴿ اقرأْ بِاسِمِ رَبِّكَ ﴾ [ العلق : ١ ] وحكى ابن عباس كان يقرأ في العشاء ﴿ كَادوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً ﴾.
الثاني : أنهم صرفوا عن بلادهم بالتوفيق هداية من الله لهم حتى أتوا نبي الله ببطن نخلة.
وفيهم أربعة أقاويل :
أحدها : أنهم جن من أهل نصيبين، قاله ابن عباس.
الثاني : أنهم من أهل نينوى، قاله قتادة.
الثالث : أنهم من جزيرة الموصل، قاله عكرمة.
الرابع : من أهل نجران، قاله مجاهد.
واختلف في عددهم على ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنهم كانوا اثني عشر ألفاً من جزيرة الموصل، قاله عكرمة.
الثاني : أنهم كانوا تسعة أحدهم زوبعة، قاله زر بن حبيش.
الثالث : أنهم كانوا سبعة : ثلاثة من أهل نجران وأربعة من أهل نصيبين، وكانت أسماؤهم حسى ومسى وشاصر وناصر والأردن وأنيان الأحقم، قاله مجاهد.
واختلف في علم النبي ﷺ على قولين :
أحدهما : أنه ما شعر بهم رسول الله ﷺ حتى أوحى الله إليه فيهم وأخبره عنهم، قاله ابن عباس، والحسن.
الثاني : أن الله قد كان أعلمه بهم قبل مجيئهم. روى شعبة عن قتادة أن نبي الله ﷺ قال :« إِنِّي أمِرْتُ أَنْ أَقْرَأَ عَلَى الْجِنِّ فَأَيُّكُمْ يَتْبَعُنِي » ؟فأطرقوا فاتبعه ابن مسعود فدخل نبي الله ﷺ شعباً يقال له شعب الحجون وخط عليه وخط على ابن مسعود ليثبته بذلك، قال عكرمة : وقال لابن مسعود :« لاَ تَبْرَحْ حَتَّى آتِيكَ » فلما خشيهم ابن مسعود كاد أن يذهب فذكر قول النبي ﷺ فلم يبرح، فقال له النبي ﷺ :« لَوْ ذَهَبْتَ مَا التَقَيْنَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ »
ولما توجه رسول الله ﷺ إليهم تلا عليهم القرآن وقضى بينهم في قتيل منهم. وروى قتادة عن ابن مسعود أنهم سألوه الزاد فقال :« كُلُّ عَظْمٍ لَكُم عِرْقٌ، وَكُلٌّ رَوَثَةٍ لَكُم خَضِرَةٌ » فقالوا يا رسول الله يقذرها الناس علينا، فنهى سول الله ﷺ أن يستنجى بأحدهما.
روى عبد الله بن عمرو بن غيلان عن ابن مسعود قال : قال رسول الله ﷺ :


الصفحة التالية
Icon