قوله تعالى :﴿ فَاصْبِر كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِن الرُّسُلِ ﴾ فيهم ستة أوجه :
أحدها : أن أولي العزم من الرسل الذين أمروا بالقتال من الأنبياء، قاله السدي والكلبي.
الثاني : أنهم العرب من الأنبياء، قاله مجاهد والشعبي.
الثالث : من لم تصبه فتنة من الأنبياء، قاله الحسن.
الرابع : من أصابه منهم بلاء بغير ذنب، قاله ابن جريج.
الخامس : أنهم أولوا العزم، حكاه يحيى.
السادس : أنهم أولوا الصبر الذين صبروا على أذى قومهم فلم يجزعوا.
وروت عائشة عن النبي ﷺ قال :« إن الله تعالى لم يرض عن أولي العزم من الرسل إلا بالصبر على مكروهها والصبر على مخبوئها ».
وفي أولي العزم منهم ستة أقاويل :
أحدها : أن جميع الأنبياء أولوا العزم، ولم يبعث الله رسولاً إلا كان من أولي العزم. فأمر رسول الله ﷺ أن يصبر كما صبروا، قاله ابن زيد.
الثاني : أن أولي العزم منهم نوح وهود وإبراهيم، فأمر الله رسوله أن يكون رابعهم، قاله أبو العالية.
الثالث : أنهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى، قاله ابن عباس.
الرابع : أنهم نوح وهود وإبراهيم وشعيب وموسى، قاله عبد العزيز.
الخامس : أنهم إبراهيم وموسى وداود وسليمان وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم، قاله السدي.
السادس : أن منهم إسماعيل ويعقوب وأيوب، وليس منهم يونس ولا سليمان ولا آدم، قاله ابن جريج.
﴿ وَلاَ تَسْتَعْجِلَ لَّهُمْ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : بالدعاء عليهم، قاله مقاتل.
الثاني : بالعذاب وهذا وعيد.
﴿ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : من العذاب، قاله يحيى.
الثاني : من الآخرة، قاله النقاش.
﴿ لَمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً مِن نَّهَارٍ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : في الدنيا حتى جاءهم العذاب، وهو مقتضى قول يحيى.
الثاني : في قبورهم حتى بعثوا للحساب، وهو مقتضى قول النقاش.
﴿ بَلاَغٌ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أن ذلك اللبث بلاغ، قاله ابن عيسى.
الثاني : أن هذا القرآن بلاغ، قاله الحسن.
الثالث : أن هذا الذي وصفه الله بلاغ، وهو حلول ما وعده إما من الهلاك في الدنيا أو العذاب في الآخرة على ما تقدم من الوجهين :
﴿ فَهَلْ يُهْلَكُ ﴾ يعني بعد هذا البلاغ.
﴿ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ قال يحيى : المشركون.
وذكر مقاتل أن هذه الآية نزلت على رسول الله ﷺ يوم أحد، فأمره الله أن يصبر على ما أصابه كما صبر أولوا العزم من الرسل تسهيلاً عليه وتثبيتاً له، والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon