قوله تعالى :﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ لَوْلاَ نُزَّلِتْ سُورَةٌ ﴾ كان المؤمنون إذا تأخر نزول القرآن اشتاقوا إليه وتمنوه ليعلموا أوامر الله وتعبده لهم.
﴿ فَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ ﴾ وفي قراءة ابن مسعود : فإذا أنزلت سورة محدثة ﴿ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ ﴾.
في السورة المحكمة قولان :
أحدهما : أنها التي يذكر فيها الحلال والحرام، قاله ابن زياد النقاش.
الثاني : أنها التي يذكر فيها القتال : وهي أشد القرآن على المنافقين، قاله قتادة.
ويحتمل :
ثالثاً : أنها التي تضمنت نصوصاً لم يتعقبها ناسخ ولم يختلف فيها تأويل :
﴿ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ ﴾ هم المنافقون، لأن قلوبهم كالمريضة بالشك. فإذا أنزلت السورة المحكمة سر بها المؤمنون وسارعوا إلى العمل بما فيها، واغتم المنافقون ونظروا إلى رسول الله ﷺ.
﴿ نَظَرَ الْمَغْشِّيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوتِ ﴾ غماً بها وفزعاً منها.
﴿ فَأَوْلَى لَهُمْ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أنه وعيد، كأنه قال : العقاب أولى لهم، قاله قتادة.
الثاني : أولى لهم، ﴿ طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ ﴾ من أن يجزعوا من فرض الجهاد عليهم، قاله الحسن.
وفيه وجه ثالث : أن قوله ﴿ طَاعَةٌ وَقُوْلٌ مَعْرُوفٌ ﴾ حكاية من الله عنهم قبل فرض الجهاد عليهم، ذكره ابن عيسى.
والطاعة هي الطاعة لله ورسوله في الأوامر والنواهي. وفي القول المعروف وجهان :
أحدهما : هو الصدق والقبول.
الثاني : الإجابة بالسمع والطاعة.
﴿ فَإِذَا عَزَمَ الأمْرُ ﴾ أي جد الأمر في القتال.
﴿ فَلَوْ صَدَقُواْ اللَّه ﴾ بأعمالهم ﴿ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ ﴾ من نفاقهم.
قوله تعالى :﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِي الأرْضِ ﴾ فيه أربعة أوجه :
أحدها : فهل عسيتم إن توليتم أمور الأمة أن تفسدوا في الأرض بالظلم، قاله الكلبي.
الثاني : فهل عسيتم إن توليتم الحكم فجعلتم حكاماً أن تفسدوا في الأرض بأخذ الرشا، قاله أبو العالية.
الثالث : فهل عسيتم إن توليتم عن كتاب الله أن تفسدوا في الأرض بسفك الدماء الحرام. ﴿ وَتُقَطِّعُواْ أَرْحَامَكُمْ ﴾، قاله قتادة.
الرابع : فهل عسيتم إن توليتم عن الطاعة أن تفسدوا في الأرض بالمعاصي وقطع الأرحام، قاله ابن جريج.
وفي هذه الآية ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنه عنى بها المنافقين وهو الظاهر.
الثاني : قريشاً، قاله أبو حيان.
الثالث : أنها نزلت في الخوارج، قاله بكر بن عبد الله المزني.


الصفحة التالية
Icon