قوله تعالى :﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : شاهداًعلى أمتك بالبلاغ، قاله قتادة.
الثاني : شاهداًعلى أمتك بأعمالهم من طاعة أو معصية.
الثالث : مبيناً ما أرسلناك به إليهم.
﴿ وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : مبشراً للمؤمنين ونذيراً للكافرين.
الثاني : مبشراً بالجنة لمن أطاع ونذيراً بالنار لمن عصى، قاله قتادة، والبشارة والإنذار معاً خير لأن المخبر بالأمر السار مبشر والمحذر من الأمر المكروه منذر. قال النابغة الذبياني :
تناذرها الراقون من سوء سعيها | تطلقها طوراً وطوراً تراجع |
أحدها : تطيعوه، قاله بعض أهل اللغة.
الثاني : تعظموه، قاله الحسن والكلبي.
الثالث : تنصروه وتمنعوا منه، ومنه التعزير في الحدود لأنه مانع، قاله القطامي :
ألا بكرت مي بغير سفاهة | تعاتب والمودود ينفعه العزر |
أحدهما : تسودوه، قاله السدي.
الثاني : أن تأويله مختلف بحسب اختلافهم فيمن أشير إليه بهذا الذكر : فمنهم من قال أن المراد بقوله :﴿ وَتُعَزِّرُوهُ وَتَوَقِّرُوهُ ﴾ أي تعزروا الله وتوقروه لأن قوله :﴿ وَتُسَبِّحُوهُ ﴾ راجع إلى الله وكذلك ما تقدمه، فعلى هذا يكون تأويل قوله :﴿ وَتُوَقِّرُوهُ ﴾ أي تثبتوا له صحة الربوبية وتنفوا عنه أن يكون له ولد أو شريك.
ومنهم من قال : المراد به رسول الله ﷺ أن يعزروه ويوقروه لأنه قد تقدم ذكرها، فجاز أن يكون بعض الكلام راجعاً إلى الله وبعضه راجعاً إلى رسوله، قاله الضحاك. فعلى هذا يكون تأويل ﴿ تُوَقِّرُوهُ ﴾ أي تدعوه بالرسالة والنبوة لا بالاسم والكنية.
﴿ وتُسَبِّحُوهُ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : تسبيحه بالتنزيه له من كل قبيح.
الثاني : هو فعل الصلاة التي فيها التسبيح.
﴿ بُكْرَةً وَأصِيلاً ﴾ أي غدوة وعشياً. قال الشاعر :
لعمري لأنت البيت أكرم أهله | وأجلس في أفيائه بالأصائل |