قوله تعالى :﴿ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ﴾ فيه ستة تأويلات :
أحدها : أنه ثرى الأرض وندى الطهور، قاله سعيد بن جبير.
الثاني : أنها صلاتهم تبدوا في وجوههم، قاله ابن عباس.
الثالث : أنه السمت، قاله الحسن.
الرابع : الخشوع، قاله مجاهد.
الخامس : هو أن يسهر الليل فيصبح مصفراً، قاله الضحاك.
السادس : هو نور يظهر على وجوههم يوم القيامة، قاله عطية العوفي.
﴿ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطَأَهُ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أن مثلهم في التوراة بأن سيماهم في وجوههم. ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه.
الثاني : أن كلا الأمرين مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل.
وقوله :﴿ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ ﴾ فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : أن الشطأ شوك السنبل، والعرب أيضاً تسميه السفا والبهمي، قاله قطرب.
الثاني : أنه السنبل، فيخرج من الحبة عشر سنبلات وتسع وثمان، قاله الكلبي والفراء.
الثالث : أنه فراخه التي تخرج من جوانبه، ومنه شاطىء النهر جانبه، قاله الأخفش.
﴿ فَآزَرَهُ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : فساواه فصار مثل الأم، قاله السدي.
الثاني : فعاونه فشد فراخ الزرع أصول النبت وقواها.
﴿ فَاسْتَغْلَظَ ﴾ يعني اجتماع الفراخ مع الأصول.
﴿ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ ﴾ أي على عوده الذي يقوم عليه فيكون ساقاً له.
﴿ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ﴾ يعني النبي ﷺ وأصحابه رضي الله عنهم، لأن ما أعجب المؤمنين من قوتهم كإعجاب الزراع بقوة رزعهم هو الذي غاظ الكفار منهم.
ووجه ضرب المثل بهذا الزرع الذي أخرج شطأه، هو أن النبي ﷺ حين بدأ بالدعاء إلى دينه كان ضعيفاً، فأجابه الواحد بعد الواحد حتى كثر جمعه وقوي أمره، كالزرع يبدو بعد البذر ضعيفاً فيقوى حالا بعد حال يغلظ ساقه وأفراخه فكان هذا من أصح مثل وأوضح بيان، والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon