قوله تعالى :﴿ يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى ﴾ قصد بهذه الآية. النهي عن التفاخر بالأنساب، وبين التساوي فيها بأن خلقهم من ذكر وأنثى يعني آدم وحواء.
ثم قال :﴿ وَجَعَلْنَاكُم شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَرَفُواْ ﴾ فبين أن الشعوب والقبائل للتعارف لا للافتخار، وفيها ثلاثة أوجه :
أحدها : أن الشعوب النسب الأبعد والقبائل النسب الأقرب، قاله مجاهد، وقتادة. وقال الشاعر :

قبائل من شعوب ليس فيهم كريم قد يعد ولا نجيب
وسموا شعوباً لأن القبائل تشعبت منها.
الثاني : أن الشعوب عرب اليمن من قحطان، والقبيلة ربيعة ومضر وسائر عدنان.
الثالث : أن الشعوب بطون العجم، والقبائل بطون العرب.
ويحتمل رابعاً : أن الشعوب هم المضافون إلى النواحي والشعاب، والقبائل هم المشتركون في الأنساب، قال الشاعر :
وتفرقوا شعباً فكل جزيرة فيها أمير المؤمنين ومنبر
والشعوب جمع شَعب بفتح الشين، والشِّعب بكسر الشين هو الطريق وجمعه شعاب، فكان اختلاف الجمعين مع اتفاق اللفظين تنبيهاً على اختلاف المعنيين.
﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُم ﴾ إن أفضلكم، والكرم بالعمل والتقوى لا بالنسب.


الصفحة التالية
Icon