لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى | إذا حشرجت يوماً، وضاق بها الصدر |
قوله تعالى :﴿ وَجَآءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَآئِقٌ وَشَهِيدٌ ﴾ أما السائق ففيه قولان :
أحدهما : أنه ملك يسوقه إلى المحشر، قاله أبو هريرة وابن زيد.
الثاني : أنه أمر من الله يسوقه إلى موضع الحساب، قاله الضحاك.
وأما الشهيد ففيه أربعة أقاويل :
أحدها : أنه ملك يشهد عليه بعمله، وهذا قول عثمان بن عفان والحسن.
الثاني : أنه الإنسان، يشهد على نفسه بعمله، رواه أبو صالح.
الثالث : أنها الأيدي والأرجل تشهد عليه بعمله بنفسه، قاله أبو هريرة.
ثم في الآية قولان :
أحدهما : أنها عامة في المسلم والكافر، وهو قول الجمهور.
الثاني : أنها خاصة في الكافر، قاله الضحاك.
قوله تعالى :﴿ لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّن هَذَا ﴾ فيه وجهان :
أحدهما أنه الكافر، كان في غفلة من عواقب كفره، قاله ابن عباس.
الثاني : أنه النبي ﷺ، كان في غفلة عن الرسالة مع قريش في جاهليتهم، قاله عبد الرحمن بن زيد.
ويحتمل ثالثاً : لقد كنت أيها الإنسان في غفلة عن أن كل نفس معها سائق وشهيد لأن هذا لا يعرف إلا بالنصوص الإلهية.
﴿ فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَآءَكَ ﴾ فيه أربعة أوجه :
أحدها : أنه إذا كان في بطن أمه فولد، قاله السدي.
الثاني : إذا كان في القبر فنشر، وهذا معنى قول ابن عباس.
الثالث : أنه وقت العرض في القيامة، قاله مجاهد.
الرابع : أنه نزول الوحي وتحمل الرسالة، وهذا معنى قول ابن زيد.
﴿ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ﴾ وفي المراد بالبصر هنا وجهان :
أحدهما : بصيرة القلب لأنه يبصر بها من شواهد الأفكار، ونتائج الاعتبار ما تبصر العين ما قابلها من قبلها من الأشخاص والأجسام، فعلى هذا في قوله :﴿ حَدِيدٌ ﴾ تأويلان :
أحدهما : سريع كسرعة مور الحديد.
الثاني : صحيح كصحة قطع الحديد.
الوجه الثاني : أن المراد به بصر العين وهو الظاهر، فعلى هذا في قوله :﴿ حَدِيدٌ ﴾ تأويلان :
أحدهما : شديد، قاله الضحاك.
الثاني : بصير، قاله ابن عباس.
وماذا يدرك البصر؟ فيه خمسة أوجه :
أحدها : يعاين الآخرة، قاله قتادة.
الثاني : لسان الميزان، قاله الضحاك.
الثالث : ما يصير إليه من ثواب أو عقاب، وهو معنى قول ابن عباس.
الرابع : ما أمر به من طاعة وحذره من معصية، وهو معنى قول ابن زيد.
الخامس : العمل الذي كان يعمله في الدنيا، قاله الحسن.