قوله تعالى :﴿ وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنَادِ ﴾ هذه الصيحة التي ينادي بها المنادي من مكان قريب هي النفخة الثانية التي للبعث إلى أرض المحشر.
ويحتمل وجهاً آخر، أنه نداؤه في المحشر للعرض والحساب.
وفي قوله :﴿ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ ﴾ وجهان :
أحدهما : أنه يسمعها كل قريب وبعيد، قاله ابن جريج.
الثاني : أن الصيحة من مكان قريب. قال قتادة : كنا نحدث أنه ينادي من بيت المقدس من الصخرة وهي أوسط الأرض : يا أيتها العظام البالية، قومي لفصل القضاء وما أعد من الجزاء. وحدثنا، أن كعباً قال : هي أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلاً.
قوله تعالى :﴿ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : يعني بقول الحق.
الثاني : بالبعث الذي هو حق.
﴿ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : الخروج من القبور.
الثاني : أن الخروج من أسماء القيامة. قال العجاج :
وليس يوم سمي الخروجا... أعظم يوم رجه رجوجا
قوله تعالى :﴿ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : نحن أعلم بما يجيبونك من تصديق أو تكذيب.
الثاني : بما يسرونه من إيمان أو نفاق.
﴿ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : يعني برب، قاله الضحاك، لأن الجبار هو الله تعالى سلطانه.
الثاني : متجبر عليهم متسلط، قاله مجاهد. ولذلك قيل لكل متسلط جبار. قال الشاعر :
وكنا إذا الجبار صعر خده... أقمنا له من صعره فتقوما
وهو من صفات المخلوقين ذم.
الثالث : أنك لا تجبرهم على الإسلام من قولهم قد جبرته على الأمر إذا قهرته على أمر، قاله الكلبي.
﴿ فَذَكِّرْ بِالْقُرْءَانِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ ﴾ الوعيد العذاب، والوعد الثواب. قال الشاعر :
وإني وإن أوعدته أو وعدته... لمخلف إيعادي ومنجز موعدي
قال قتادة : اللهم اجعلنا ممن يخاف وعيدك ويرجو موعدك. وروي أنه قيل : يا رسول الله لو خوفتنا فنزلت ﴿ فَذَكِّرْ بِالْقُرءَانِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ ﴾.


الصفحة التالية
Icon