﴿ أَلاَّ تَطْغُواْ فِي الْمِيزَانِ ﴾ وفي الميزان ما ذكرناه من الأقاويل :
أحدها : أنه العدل وطغيانه الجور، قاله مجاهد.
الثاني : أنه ميزان الأشياء الموزونات وطغيانه البخس، قاله مقاتل، وقال ابن عباس : يا معشر الموالي وليتم أمرين بهما هلك الناس قبلكم : المكيال والميزان.
الثالث : أنه الحكم، وطغيانه التحريف.
﴿ وَأقِيمُواْ الْوَزْنَ بَالْقِسْطِ ﴾ أي بالعدل، قال مجاهد : القسط : العدل.
﴿ وَلاَ تُخْسِرُواْ الْمِيزَانَ ﴾ أي لا تنقصوه بالبخس قيل : إنه المقدار : فالجور إن قيل : إنه العدل، والتحريف إن قيل : الحكم.
وفي وجه رابع : أنه ميزان حسناتكم يوم القيامة.
﴿ وَالأرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ ﴾ أي بسطها ووطأها للأنام ليستقروا عليها ويقتاتوا منها.
وفي الأنام ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنهم الناس، قاله ابن عباس، وفيه قول بعض الشعراء في رسول الله ﷺ :
مبارك الوجه يستسقى الغمام به... ما في الأنام له عدل ولا خطر
الثاني : أن الأنام الإنس والجن، قاله الحسن.
الثالث : أن الأنام جميع الخلق من كل ذي روح، قاله مجاهد، وقتادة والسدي، سمي بذلك لأنه ينام، قال الشاعر :
جاد الإله أبا الوليد ورهطه... رب الأنام وخصه بسلام
﴿ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الأَكمَامِ ﴾ فيه أربعة أقاويل :
أحدها : أن ذات الأكمام النخل، وأكمامها ليفها الذي في أعناقها، قاله الحسن.
الثاني : أنه رقبة النخل التي تكمم فيه طلعاً، ومنه قول الشاعر :
وذات أثارة أكلت عليها... نباتاً في أكمتة قفار
الثالث : أنه الطلع المكمم الذي هو كمام الثمرة، قاله ابن زيد.
الرابع : أن معنى ذات الأكمام أي ذوات فضول على كل شيء، قاله ابن عباس.
﴿ وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالْرَّيْحَانُ ﴾ أما الحب فهو كل حب خرج من أكمامها كالبر والشعير.
وأما العصف ففيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : تبن الزرع وورقه الذي تعصفه الريح، قاله ابن عباس.
الثاني : أنه الزرع إذا اصفر ويبس.
الثالث : أنه حب المأكول منه، قاله الضحاك، كما قال تعالى :﴿ كَعَصْفٍ مَأكُولٍ ﴾.
وأما الريحان ففيه خمسة أوجه :
أحدها : أنه الرزق، قاله مجاهد، وسعيد بن جبير، والسدي، والعرب تقول : خرجنا نطلب ريحان الله أي رزقه، ويقال سبحانك وريحانك أي رزقك، وقال النمر بن تولب :
سلام الإله وريحانه... ورخيته وسماء درر
قاله الضحاك، ورخيته هي لغة حِمْيَر.
الثاني : أن الريحان الزرع الأخضر الذي لم يسنبل، قاله ابن عباس.
الثالث : أنه الريحان الذي يشم، قاله الحسن، والضحاك، وابن زيد.
الرابع : أن العصف الورق الذي لا يؤكل والريحان هو الحب المأكول، قاله الكلبي.
﴿ فَبِأَيِّ ءَالآءِ رَبِّكُمْا تُكّذِّبَانِ ﴾ في الآلاء قولان :
أحدهما : أنها النعم، وتقديره فبأي نعم ربكما تكذبان، قاله ابن عباس، ومنه قول طرفة :
كامل يجمع الآلاء الفتى... بيديه سيد السادات خصم
الثاني : أنها القدرة، وتقدير الكلام فبأي قدرة ربكما تكذبان، قاله ابن زيد، والكلبي.
وفي قوله ربكما إشارة إلى الثقلين الإنس والجن في قول الجميع.


الصفحة التالية
Icon