قوله تعالى :﴿ قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ﴾ وهي خولة بنت ثعلبة، وقيل بنت خويلد، وليس هذا بمختلف لأن أحدهما أبوها والآخر جدها، فنسبت إلى كل واحد منهما. وزوجها أوس بن الصامت. قال عروة : وكان امرأً به لمم فأصابه بعض لممه فظاهر من امرأته، فأتت رسول الله ﷺ تستفتيه في ذلك.
﴿ وتشتكي إلى الله ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : تستغيث بالله.
والثاني : تسترحم الله. وروى الحسن أنها قالت : يا رسول الله قد نسخ الله سنن الجاهلية وإن زوجي ظاهر مني، فقال رسول الله ﷺ :« ما أوحي إليّ في هذا شيء » فقالت : يا رسول الله أوحي إليك في كل شيء وطوي عنك هذا؟ فقال :« هو ما قلت لك » فقالت : إلى الله أشكو لا إلى رسوله، فأنزل الله تعالى :﴿ قد سمع الله قول التي تجادلك ﴾ الآية. وقرأ ابن مسعود :﴿ قَد سَّمِعَ ﴾.
قالت عائشة : تبارك الله الذي أوعى سمعه كل شيء، سمع كلام خولة بنت ثعلبة وأنا في ناحية البيت ما أسمع بعض ما تقول، وهي تقول : يا رسول الله أكل شبابي وانقطع ولدي ونثرت له بطني حتى إذا كبرت سني ظاهر مني اللهم إني أشكو إليك، فما برحت حتى نزل جبريل بهذه الأية.
﴿ والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير ﴾ والمحاورة مراجعة الكلام، قال عنترة :

لو كان يدري ما المحاورة اشتكى ولكان لو علم الكلام مكلمي.
﴿ الذين يظاهرون منكم من نسائهم ﴾ الظهار قول الرجل لامرأته.
أنت عليّ كظهر أمي، سمي ظهاراً لأنه قصد تحريم ظهرها عليه، وقيل : لأنه قد جعلها عليه كظهر أمه، وقد كان في الجاهلية طلاقاً ثلاثاً لا رجعة فيه ولا إباحة بعده فنسخه الله إلى ما استقر عليه الشرع من وجوب الكفارة فيه بالعود.


الصفحة التالية
Icon