﴿ لو أنزلنا هذا القرءآن على جبل ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون خطاباً لرسول الله ﷺ إننا لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لما ثبت له بل انصدع من نزوله عليه، وقد أنزلناه عليك وثبتناك له، فيكون ذلك امتناناً عليه أن ثبته لما لا تثبت له الجبال.
الثاني : أنه خطاب للأمة، وأن الله لو أنذر بهذا القرآن الجبال لتصدعت من خشية الله، والإنسان أقل قوة وأكثر ثباتاً، فهو يقوم بحقه إن أطاع، ويقدرعلى رده إن عصى، لأنه موعود بالثواب ومزجور بالعقاب.
وفيه قول ثالث : إن الله تعالى ضربه مثلاً للكفار أنه إذا نزل هذا القرآن على جبل خشع لوعده وتصدع لوعيده، وأنتم أيها المقهروون بإعجازه لا ترغبون في وعده ولا ترهبون من وعيده.
﴿ هو الله الذي لا إله إلا هو ﴾ كان جابر بن زيد يرى أن اسم الله الأعظم هو الله، لمكان هذه الآية.
﴿ عالم الغيب والشهادة ﴾ فيه أربعة أقاويل :
أحدها : عالم السر والعلانية، قاله ابن عباس.
الثاني : عالم ما كان وما يكون.
الثالث : عالم ما يدرك وما لا يدرك من الحياة والموت والأجل والرزق.
الرابع : عالم بالآخرة والدنيا، قاله سهل.
﴿ هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس ﴾ في ﴿ القدوس ﴾ أربعة أوجه :
أحدها : أنه المبارك، قاله قتادة، ومنه قول رؤبة :

دعوت رب العزة القدوسا دعاء من لا يقرع الناقوسا
الثاني : أنه الطاهر، قاله وهب، ومنه قول الراجز :
قد علم القدوس مولى القدوس.... الثالث : أنه اسم مشتق من تقديس الملائكة، قاله ابن جريج، وقد روي أن من تسبيح الملائكة سبوح قدوس رب الملائكة والروح.
الرابع : معناه المنزه عن القبائح لاشتقاقه من تقديس الملائكة بالتسبيح فصار معناهما واحد.
وأما ﴿ السلام ﴾ فهو من أسمائه تعالى كالقدوس، وفيه وجهان :
أحدهما : أنه مأخوذ من سلامته وبقائه، فإذا وصف المخلوق بمثله قيل سالم وهو في صفة الله سلام، ومنه قول أمية بن أبي الصلت :
سلامك ربنا في كل فجر بريئاً ما تعنتك الذموم
الثاني : أنه مأخوذ من سلامة عباده من ظلمه، قاله ابن عباس.
[ وفي ﴿ المؤمن ﴾ ثلاثة أوجه : أحدها : الذي يؤمن أولياءه من عذابه ] الثاني : أنه مصدق خلقه في وعده، وهو معنى قول ابن زيد.
الثالث : أنه الداعي إلى الإيمان، قاله ابن بحر.
وأما ﴿ المهيمن ﴾ فهو من أسمائه أيضاً، وفيه خمسة أوجه :
أحدها : معناه الشاهد على خلقه بأعمالهم، وعلى نفسه بثوابهم، قاله قتادة، والمفضل، وأنشد قول الشاعر :
شهيد عليَّ الله أني أحبها كفى شاهداً رب العباد المهيمن
والثاني : معناه الأمين، قاله الضحاك.
الثالث : المصدق، قاله ابن زيد.
الرابع : أنه الحافظ، حكاه ابن كامل، وروي أن عمر بن الخطاب قال : إني داع فهيمنوا، أي قولوا آمين حفظنا الدعاء، لما يرجى من الإجابة.


الصفحة التالية
Icon