والثاني : بأن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، قاله عطية العوفي.
الثالث : بما بينه الله في السورة من قوله تعالى :﴿ يأيها النبي إذا جاءك المؤمنات ﴾ فهذا معنى قوله :﴿ فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن ﴾ يعني بما في قلوبهن بعد امتحانهن.
﴿ فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هنّ حل لهم ولا هم يحلون لهن ﴾ يعني أن المؤمنات محرمات على المشركين من عبدة الأوثان، والمرتدات محرمات على المسلمين.
ثم قال تعالى :﴿ وءاتوهم ما أنفقوا ﴾ يعني بما أنفقوا مهور من أسلم منهن إذا سأل ذلك أزواجهن، وفي دفع ذلك إلى أهلهن من غير أزواجهن قولان :
ثم قال تعالى :﴿ ولا جناح عليكم أن تنكحوهن ﴾ يعني المؤمنات اللاتي أسلمن غير أزواج مشركين، أباح الله نكاحهن للمسلمين إذا انقضت عدتهن أو كن غير مدخول بهن.
﴿ إذا ءاتيتموهن أجورهن ﴾ يعني مهورهن.
﴿ ولا تمسكوا بعصم الكوافر ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أن العصمة الجمال قاله ابن قتيبة.
الثاني : العقد، قاله الكلبي.
فإذا أسلم الكافر عن وثنية لم يمسك بعصمتها ولم يقم نكاحها رغبة فيها أو في قومها، فإن الله قد حرم نكاحها عليه والمقام عليها ما لم تسلم في عدتها.
فروى موسى بن طلحة بن عبيد الله عن أبيه أنه قال : لما نزلت هذه الآية طلقت أروى بنت ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وطلق عمر بن الخطاب قريبة بنت أبي أمية بن المغيرة فتزوجها بعده معاوية بن سفيان في الشرك، وطلق أم كلثوم بنت أبي جرول الخزاعية أم عبد الله بن عمر فتزوجها بعده خالد ابن سعيد بن العاص في الإسلام.
﴿ واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ﴾ يعني أن للمسلم إذا ارتدت زوجته إلى المشركين من ذوي العهد المذكور أن يرجع عليه بمهر زوجته كما ذكرنا وأن للمشرك أن يرجع بمهر زوجته إذا أسلمت فإن لم يكن بيننا وبينهم عهد شرط فيه الرد فلا يرجع.
ولا يجوز لمن بعد رسول الله ﷺ من الأئمة أن يشرط في عقد الهدنة رد من أسلم لأن الرسول كان على وعد من الله بفتح بلادهم ودخولهم في الإسلام طوعاً وكرهاً فجاز له ما لم يجز لغيره.
﴿ وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار ﴾ الآية. والمعنى أن من فاتته زوجته بارتدادها إلى أهل العهد المذكور ولم يصل إلى مهرها منهم ثم غنمهم المسلمون ردوا عليه مهرها.
وفي المال الذي يرد منه هذا المهر ثلاثة أقاويل :
أحدها : من أموال غنائمهم لاستحقاقها عليهم، قاله ابن عباس.
الثاني : من مال الفيء، قاله الزهري.
الثالث : من صداق من أسلمن منهن عن زوج كافر، وهو مروي عن الزهري أيضاً. وفي قوله تعالى :﴿ فعاقبتم ﴾ ثلاثة تأويلات :
أحدها : معناه غنمتم لأخذه من معاقبة الغزو، قاله مجاهد والضحاك.
الثاني : معناه فأصبتم من عاقبة من قتل أو سبي، قاله سفيان.
الثالث : عاقبتم المرتدة بالقتل فلزوجها مهرهامن غنائم المسلمين، قاله ابن بحر.
وهذا منسوخ لنسخ الشرط الذي شرطه رسول الله ﷺ لهم بالحديبية، وقال عطاء بل حكمها ثابت.


الصفحة التالية
Icon