وفي « صغت » ثلاثة أقاويل :
أحدها : يعني زاغت، قاله الضحاك.
الثاني : مالت، قاله قتادة، قال الشاعر :
تُصْغِي القلوبُ إلى أَغَرَّ مُبارَكٍ | مِن نَسْلِ عباس بن عبد المطلب |
وفيما أوخذتا بالتوبة منه وجهان :
أحدهما : من الإذاعة والمظاهرة.
الثاني : من سرورهما بما ذكره النبي ﷺ من التحريم، قاله ابن زيد.
﴿ وإن تَظَاهَرا عليه ﴾ عين تعاونا على معصية رسول الله ﷺ.
﴿ فإن الله هو مولاه ﴾ يعني وليه ﴿ وجبريل ﴾ يعني وليه أيضاً.
﴿ وصالحُ المؤمنين ﴾ فيهم خمسة أقاويل :
أحدها : أنهم الأنبياء، قاله قتادة وسفيان.
الثاني : أبو بكر وعمر، قال الضحاك وعكرمة : لأنهما كانا أبوي عائشة وحفصة وقد كانا عونا له عليهما.
الثالث : أنه عليّ.
الرابع : أنهم أصحاب النبي ﷺ، قاله السدي.
الخامس : أنهم الملائكة، قاله ابن زيد.
ويحتمل سادساً : أن صالح المؤمنين من وقى دينه بدنياه.
﴿ والملائكةُ بعَدَ ذلك ظهيرٌ ﴾ يعني أعواناً للنبي ﷺ، ويحتمل تحقيق تأويله وجهاً ثانياً : أنهم المستظهر بهم عند الحاجة اليهم.
﴿ عَسى ربُّه إن طَلّقكُنّ أَن يُبدِلَه أَزْواجاً خيراً مِنكُنَّ ﴾ أما نساؤه فخير نساء الأمَّة.
وفي قوله ﴿ خَيْراً مِّنكُنَّ ﴾ ثلاثة أوجه :
أحدها : يعني أطوع منكن.
والثاني : أحب إليه منكن.
والثالث : خيراً منكن في الدنيا، قاله السدي.
﴿ مَسْلِماتٍ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : يعني مخلصات، قاله ابن جبير ونرى ألا يستبيح الرسول إلا مسلمة.
الثاني : يقمن الصلاة ويؤتين الزكاة كثيراً، قاله السدي.
الثالث : معناه مسلمات لأمر اللَّه وأمر رسوله، حكاه ابن كامل.
﴿ مؤمناتٍ ﴾ يعني مصدقات بما أُمرْن به ونُهين عنه.
﴿ قانتاتٍ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : مطيعات.
الثاني : راجعات عما يكرهه اللَّه إلى ما يحبه.
﴿ تائباتٍ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : من الذنوب، قاله السدي.
الثاني : راجعات لأمر الرسول تاركات لمحاب أنفسهن.
﴿ عابداتٍ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : عابدات للَّه، قاله السدي.
الثاني : متذللات للرسول بالطاعة، ومنه أخذ اسم العبد لتذلله، قاله ابن بحر.
﴿ سائحاتٍ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : صائمات، قاله ابن عباس والحسن وابن جبير.
قال ابن قتيبة : سمي الصائم سائحاً لأنه كالسائح في السفر بغير زاد.
وقال الزهري : قيل للصائم سائح لأن الذي كان يسيح في الأرض متعبداً لا زاد معه كان ممسكاً عن الأكل، والصائم يمسك عن الأكل، فلهذه المشابهة سمي الصائم سائحاً، وإن أصل السياحة الاستمرار على الذهاب في الأرض كالماء الذي يسيح، والصائم مستمر على فعل الطاعة وترك المشتهى، وهو الأكل والشرب والوقاع.