﴿ أفمن يْمشيِ مُكِبّاً على وَجْهِه أهْدَى ﴾ هذا مثل ضربه اللَّه تعالى للهدى والضلالة، ومعناه ليس من يمشي مُكباً على وجهه ولا ينظر أمامه ولا يمينه ولا شماله. كمن يمشي سوياً معتدلاً ناظراً ما بين يديه وعن يمينه وعن شماله، وفيه وجهان :
أحدهما : أنه مثل ضربه اللّه للمؤمن والكافر، فالمكب على وجهه الكافر يهوي بكفره، والذي يمشي سوّياً المؤمن يهتدي بإيمانه، ومعناه : أمَّن يمشي في الضلالة أهدى أم من يمشي مهتدياً، قاله ابن عباس.
الثاني : أن المكب على وجهه أبو جهل بن هشام، ومن يمشي سوياً عمار بن ياسر، قاله عكرمة.
﴿ على صراطٍ مستقيم ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أن الطريق الواضح الذي لا يضل سالكه، فيكون نعتاً للمثل المضروب.
الثاني : هو الحق المستقيم، قاله مجاهد، فيكون جزاء العاقبة الاستقامة وخاتمة الهداية.
﴿ قُلْ هو الذي ذَرَأَكُمْ في الأرضِ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : خلقكم في الأرض، قاله ابن عباس.
الثاني : نشركم فيها وفرّقكم على ظهرها، قاله ابن شجرة.
ويحتمل ثالثاً : أنشأكم فيها إلى تكامل خلقكم وانقضاء أجلكم.
﴿ وإليهِ تُحْشَرون ﴾ أي تُبْعثون بعد الموت.
﴿ فلما رأَوْه زُلْفَةً سِيئَتْ وُجوهُ الذين كَفروا ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : ظهرت المساءة على وجوههم كراهة لما شاهدوا، وهو معنى قول مقاتل.
الثاني : ظهر السوء في وجهوههم ليدل على كفرهم، كقوله تعالى :﴿ يوم تبيضُّ وجوه وتسْوَدُّ وجوه ﴾ [ آل عمران : ١٠٦ ].
﴿ وقيل هذا الذي كُنْتُمْ به تَدَّعُونَ ﴾ وهذا قول خزنة جهنم لهم، وفي قوله ﴿ كنتم به تدّعون ﴾ أربعة أوجه :
أحدها : تمترون فيه وتختلفون، قاله مقاتل.
الثاني : تشكّون في الدنيا وتزعمون أنه لا يكون، قاله الكلبي.
الثالث : تستعجلون من العذاب، قاله زيد بن أسلم.
الرابع : أنه دعاؤهم بذلك على أنفسهم، وهو افتعال من الدعاء، قاله ابن قتيبة.