قوله تعالى :﴿ إن الذين كفروا ينادَوْنَ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أنهم ينادون يوم القيامة، قاله قتادة.
الثاني : ينادون في النار، قاله السدي.
﴿ لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعوْن إلى الإيمان فتكفرون ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : لمقت الله بكم في الدنيا إذا دعيتم إلى الإيمان فكفرتم أكبر من مقتكم لأنفسكم في الآخرة حين عاينتم العذاب وعلمتم أنكم من أهل النار، قاله الحسن وقتادة.
الثاني : معناه : إن مقت الله لكم إذ عصيتموه أكبر من مقت بعضكم لبعض حين علمتم أنهم أضلوكم، حكاه ابن عيسى.
فإن قيل : كيف يصح على الوجه الأول أن يمقتوا أنفسهم؟
ففيه وجهان :
أحدهما : أنهم أحلوها بالذنوب محل الممقوت.
الثاني : أنهم لما صاروا إلى حال زال عنهم الهوى وعلموا أن نفوسهم هي التي أوبقتهم في المعاصي مقتوها.
وفي اللام التي في ﴿ لمقت الله ﴾ وجهان :
أحدهما : أنها لام الابتداء كقولهم لزيد أفضل من عمرو، قاله البصريون.
الثاني : أنها لام اليمين تدخل على الحكاية وما ضارعها، قاله ثعلب.
قوله تعالى :﴿ قالوا ربّنا أمتّنا اثنتين وأحييتنا اثنتين ﴾ فيه ثلاثة تأويلات :
أحدها : أنه خلقهم أمواتاً في أصلاب آبائهم، ثم أحياهم بإخراجهم ثم أماتهم عند انقضاء آجالهم، ثم أحياهم للبعث، فهما ميتتان إحداهما في أصلاب الرجال، الثانية في الدنيا، وحياتان : إحداهما في الدنيا والثانية في الآخرة، قاله ابن مسعود وقتادة.
الثاني : أن الله أحياهم حين أخذ عليهم الميثاق في ظهر آدم قوله ﴿ وإذ أخذ رَبُكَ مِن ابني آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذرِيتَهُمْ ﴾ [ الأعراف : ١٧١ ] الآية. ثم إن اللَّه أماتهم بعد أخذ الميثاق عليهم، ثم أحياهم حين أخرجهم، ثم أماتهم عند انقضاء آجالهم، ثم أحياهم للبعث فتكون حياتان وموتتان في الدنيا وحياة في الآخرة، قاله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
الثالث : أن الله أحياهم حين خلقهم في الدنيا، ثم أماتهم فيها عند انقضاء أجالهم، ثم أحياهم في قبورهم للمساءلة، ثم أماتهم إلى وقت البعث. ثم أحياهم للعبث، قاله السدي.
﴿ فاعترفنا بذنوبنا ﴾ أنكروا البعث في الدنيا وأن يحيوا بعد الموت، ثم اعترفوا في الآخرة بحياتين بعد موتتين.
﴿ فهل إلى خروج مِن سبيل ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : فهل طريق نرجع فيها إلى الدنيا فنقر بالبعث، وهو معنى قول قتادة.
الثاني : فهل عمل نخرج به من النار، ونتخلص به من العذاب؟ قاله الحسن.
وفي الكلام مضمر تقديره : لا سبيل إلى الخروج.
قوله تعالى :﴿ ذلكم بأنه إذا دُعي الله وحده كفرتم ﴾ أي كفرتم بتوحيد الله.
﴿ وإن يُشرك به تؤمنوا ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : معناه تصدقوا من أشرك به، قاله النقاش.
الثاني : تؤمنوا بالأوثان، قاله يحيى بن سلام.
﴿ فالحكم لله ﴾ يعني في مجازاة الكفار وعقاب العصاة.
﴿ العلي الكبير ﴾ إنما جاز وصفه بأنه علي ولم تجز صفته بأنه رفيع لأنها صفة قد تنقل من علو المكان إلى علو الشأن والرفيع لا يستعمل إلا في ارتفاع المكان.


الصفحة التالية
Icon