﴿ يومَ يُكْشَفُ عن ساقٍ ﴾ فيه أربعة أوجه :
أحدها : عن ساق الآخرة، قاله الحسن.
الثاني : الساق الغطاء، قاله الربيع بن أنس، ومنه قول الراجز :
في سَنَةٍ قد كشفتْ عن ساقها... حمراءَ تبري اللحم عن عراقها
الثالث : أنه الكرب والشدة، قاله ابن عباس، ومنه قول الشاعر :
كشفت لهم عن ساقها... وبدا من الشر الصُّراح
الرابع : هو إقبال الآخرة وذهاب الدنيا، قال الضحاك : لأنه أول الشدائد، كما قال الراجز :
قد كشفت عن ساقها فشُدُّوا... وجدّت الحربُ بكم فجدوا
فأما ما روي أن اللَّه تعالى يكشف عن ساقه فإن اللَّه تعالى منزه عن التبعيض والأعضاء وأن ينكشف أو يتغطى، ومعناه أنه يكشف عن العظيم من أمره، وقيل يكشف عن نوره.
وفي هذا اليوم ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنه يوم الكبر والهرم والعجز عن العمل.
الثاني : أنه يوم حضور المنية والمعاينة.
الثالث : أنه يوم القيامة.
﴿ ويُدْعَون إلى السجودِ فلا يستطيعون ﴾ فمن قال في هذا اليوم إنه يوم القيامة جعل الأمر بهذا السجود على وجه التكليف.
ومن جعله في الدنيا فلهم في الأمر بهذا السجود قولان :
أحدهما : أنه تكليف.
الثاني : تندم وتوبيخ للعجز عنه، وكان ابن بحر يذهب إلى أن هذا الدعاء إلى السجود إنما كان في وقت الاستطاعة، فلم يستطيعوا بعد العجز أن يستدركوا ما تركوا.
﴿ فذرْنِي ومَن يُكذّبُ بهذا الحديث ﴾
قال السدي : يعني القرآن.
ويحتمل آخر أي بيوم القيامة.
﴿ سنستدرجهم مِن حيثُ لا يَعْلمون ﴾ فيه خمسة أوجه :
أحدها : سنأخذهم على غفلة وهم لا يعرفون، قاله السدي.
الثاني : نتبع النعمة السيئة وننسيهم التوبة، قاله الحسن.
الثالث : نأخذهم من حيث درجوا ودبوا، قاله ابن بحر.
الرابع : هو تدريجهم إلى العذاب بإدنائهم منه قليلاً بعد قليل حتى يلاقيهم من حيث لا يعلمون، لأنهم لو علموا وقت أخذهم بالعذاب ما ارتكبوا المعاصي وأيقنوا بآمالهم.
الخامس : ما رواه إبراهيم بن حماد، قال الحسن : كم من مستدرج بالإحسان إليه، وكم من مغبون بالثناء عيه، وكم من مغرور بالستر عليه.
والاستدراج : النقل من حال إلى حال كالتدرج، ومنه قيل درجة وهي منزلة بعد منزلة.