ويحتمل وجهاً ثانياً : أن يكون الله حفظ جهنم حتى ضبطت وحفظت بمثل ما ضبطت به الأرض وحفظت به من الجبال حتى رست وثبتت، وجبال الأرض التي أرسيت بها واستقرت عليها تسعة عشر جبلاً، وإن شعب فروعها تحفظ جهنم بمثل هذا العدد، لأنها قرار لعُصاة الأرض من الإنس والجن، فحفظت مستقرهم في النار بمثل العدد الذي حفظ مستقرهم في الأرض، وحد الجبل ما أحاطت به أرض تتشعب فيها عروقه ظاهره ولا باطنه، وقد عد قوم جبال الأرض فإذا هي مائة وتسعون جبلاً، واعتبروا انقطاع عروقها رواسي وأوتاداً، فهذان وجهان يحتملهما الاستنباط، والله أعلم بصواب ما استأثر بعلمه.
وذكر من يتعاطى العلوم العقلية وجهاً ثالثاً : أن الله تعالى حفظ نظام خلقه ودبر ما قضاه في عباده بتسعة عشر جعلها المدبرات أمراً وهي سبعة كواكب واثنا عشر برجاً، فصار هذا العدد أصلاً في المحفوظات العامة، فلذلك حفظ جهنم، وهذا مدفوع بالشرع وإن راق ظاهره.
ثم نعود إلى تفسير الآية، روى قتادة أن الله تعالى لما قال :
« عليها تسعة عشر » قال أبو جهل : يا معشر قريش أما يستطيع كل عشرة منكم أن يأخذوا واحداً منهم وأنتم أكثر منهم.
قال السدي : وقال أبو الأشد بن الجمحي : لا يهولنكم التسعة عشر أنا أدفع عنكم بمنكبي الأيمن عشرة من الملائكة، وبمنكبي الأيسر التسعة ثم تمرون إلى الجنة، يقولها مستهزئاً.


الصفحة التالية
Icon