﴿ كلُّ نفْسٍ بما كَسَبَتْ رَهينةٌ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : ان كل نفس مرتهنة محتسبة بعملها لتحاسب عليه، إلا أصحاب اليمين، وهم أطفال المسلمين فإنه لا حساب عليهم لأنه لا ذنوب لهم، قاله عليٌّ رضي الله عنه.
الثاني : كل نفس من أهل النار مرتهنة في النار إلا أصحاب اليمين وهم المسلمون، فإنهم لا يرتهنون، وهم إلى الجنة يسارعون، قاله الضحاك.
الثالث : كل نفس بعملها محاسبة إلا أصحاب اليمين وهم أهل الجنة، فإنهم لا يحاسبون، قاله ابن جريج.
﴿ وكنّا نَخُوض مع الخائضينَ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : نكذب مع المكذبين، قاله السدي.
الثاني : كلما غوى غاو غوينا معه، قاله قتادة.
الثالث : قولهم محمد كاهن، محمد ساحر، محمد شاعر، قاله ابن زيد.
ويحتمل رابعاً، وكنا أتباعاً ولم نكن مبتوعين.
﴿ وكنّا نًكذّب بيوم الدِّين ﴾ يعني يوم الجزاء وهو يوم القيامة.
﴿ حتى أتانا اليقين ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : الموت، قاله السدي.
الثاني : البعث يوم القيامة.
﴿ فما لهم عن التَذْكِرَةِ مُعْرِضين ﴾ قال قتادة : عن القرآن.
ويحتمل ثالثاً : عن الاعتبار بعقولهم.
﴿ كأنهم حُمُرٌ مُسْتَنْفِرةٌ ﴾ قرأ نافع وابن عامر بفتح الفاء، يعني مذعورة وقرأ الباقون بكسرها، يعني هاربة، وأنشد الفراء :

أمْسِكْ حمارَك إنه مُستنفِرٌ في إثْر أحْمِرَةٍ عَمَدْنَ لغُرَّبِ.
﴿ فَرَّتْ من قَسْورةٍ ﴾ فيه ستة تأويلات :
أحدها : أن القسورة الرماة، قاله ابن عباس.
الثاني : أنه القناص أي الصياد، ومنه قول علي :
يا ناس إني مثل قسورةٍ وإنهم لعداة طالما نفروا.
الثالث : أنه الأسد، قاله أبو هريرة، روى يوسف بن مهران عن ابن عباس أنه الأسد بلسان الحبشة، قال الفرزدق :
إلى هاديات صعاب الرؤوس فساروا للقسور الأصيد.
الرابع : أنهم عصب من الرجال وجماعة، رواه أبو حمزة عن ابن عباس.
الخامس : أنه أصوات الناس، رواه عطاء عن ابن عباس.
السادس : أنه النبيل، قاله قتادة.
﴿ بل يريد كلُّ امرىءٍ منهم أنْ يُؤْتى صحُفاً مُنَشّرةً ﴾ يعني كتباً منشورة وفيه أربعة أوجه :
أحدها : أن يؤتى كتاباً من الله أن يؤمن بمحمد، قاله قتادة.
الثاني : أن يؤتى براءة من النار أنه لا يقذف بها، قاله أبو صالح.
الثالث : أن يؤتى كتاباً من الله بما أحل له وحرم عليه، قاله مقاتل.
الرابع : أن كفار قريش قالوا إن بني إسرائيل كانوا إذا أذنب الواحد ذنباً وجده مكتوباً في رقعة، فما بالنا لا نرى ذلك فنزلت الآية، قاله الفراء.
﴿ هو أهل التقْوَى وأهل المغْفِرةِ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : هو أهل أن تتقى محارمه، وأهل أن يغفر الذنوب، قاله قتادة.
الثاني : هو أهل أن يتقى أن يجعل معه إله غيره، وأهل لمن اتقاه أن يغفر له، وهذا معنى قول رواه أنس مرفوعاً.
الثالث : هو أهل أن يتقى عذابه وأهل أن يعمل بما يؤدي إلى مغفرته.
ويحتمل رابعاً : أهل الانتقام والإنعام.


الصفحة التالية
Icon