ويحتمل هذا القول وجهين :
أحدهما : من قول الله للإنسان إذا قاله « أين المفر » قال الله له « كلاّ لا وَزَرَ » الثاني : من قول الإنسان إذا علم أنه ليس له مفر قال لنفسه « كلا لا وَزَرَ » ﴿ كلاّ لا وَزَرَ ﴾ فيه أربعة أوجه :
أحدها : أي لا ملجأ من النار، قاله ابن عباس.
الثاني : لا حصن، قاله ابن مسعود.
الثالث : لا جبل، [ قاله الحسن ].
الرابع : لا محيص، قاله ابن جبير.
﴿ إلى ربِّك يومئذٍ المُسْتَقَرُّ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أن المستقر المنتهى، قاله قتادة.
الثاني : أنه استقرار أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار، قاله ابن زيد.
﴿ يُنَبّأ الإنسان يوميئذٍ بما قدَّمَ وأَخّرَ ﴾ يعني يوم القيامة وفي « بما قدم وأخر » خمسة تأويلات :
أحدها : ما قدم قبل موته من خير أو شر يعلم به بعد موته، قاله ابن عباس وابن مسعود.
الثاني : ما قدم من معصية، وأخر من طاعة، قاله قتادة.
الثالث : بأول عمله وآخره، قاله مجاهد.
الرابع : بما قدم من الشر وأخر من الخير، قال عكرمة.
الخامس : بما قدم من فرض وأخر من فرض، قاله الضحاك.
ويحتمل سادساً : ما قدم لدنياه، وما أخر لعقباه.
﴿ بل الإنسانُ على نَفْسِه بَصيرةٌ ﴾ فيه ثلاثة تأويلات :
أحدها : أنه شاهد على نفسه بما تقدم به الحجة عليه، كما قال تعالى :﴿ اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً ﴾.
الثاني : أن جوارحه شاهدة عليه بعمله، قاله ابن عباس، كما قال تعالى :﴿ اليوم نَخْتِمُ على أفواههم وتُكَلِّمنا أيْديهم وتشْهدُ أرجُلُهم بما كانوا يكْسِبون ﴾.
الثالث : معناه بصير بعيوب الناس غافل عن عيب نفسه فيما يستحقه لها وعليها من ثواب وعقاب.
والهاء في « بصيرة » للمبالغة.
﴿ ولو أَلْقَى معاذيرَه ﴾ فيه أربعة تأويلات :
أحدها : معناه لو اعتذر يومئذ لم يقبل منه، قاله قتادة.
الثاني : يعني لو ألقى معاذيره أي لو تجرد من ثيابه، قاله ابن عباس.
الثالث : لو أظهر حجته، قاله السدي وقال النابغة :
لدىّ إذا ألقى البخيلُ معاذِرَه.... الرابع : معناه ولو أرخى ستوره، والستر بلغة اليمن معذار، قاله الضحاك، قال الشاعر :

ولكنّها ضَنّتْ بمنزلِ ساعةٍ علينا وأطّت فوقها بالمعاذرِ
ويحتمل خامساً : أنه لو ترك الاعتذار واستسلم لم يُترك.


الصفحة التالية
Icon