الثاني : ويل لك، قالت الخنساء :

هَممْتُ بنفسي بعض الهموم فأوْلى لنَفْسيَ أوْلَى لها.
سأحْمِلُ نَفْسي على آلةٍ فإمّا عليها وإمّا لها.
الآلة : الحالة، والآلة : السرير أيضاً الذي يحمل عليه الموتى.
﴿ أيَحْسَبُ الإنسانُ أنْ يُتْرَك سُدىً ﴾ فيه أربعة أوجه :
أحدها : فهل لا يفترض عليه عمل، قاله ابن زيد.
الثاني : يظن ألا يبعث، قاله السدي.
الثالث : ملغى لا يؤمر ولا ينهى، قاله مجاهد.
الرابع : عبث لا يحاسب ولا يعاقب، قال الشاعر :
فأُقسِم باللَّه جهدَ اليمين ما ترك اللَّه شيئاً سُدى
﴿ ألمْ يكُ نُطْفةً مِنْ مَنيٍّ يُمْنَى ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أن معنى يُمنى يراق، ولذلك سميت منى لإراقة الدماء فيها.
الثاني : بمعنى ينشأ ويخلق، ومنه قول يزيد بن عامر :
فاسلك طريقك تمشي غير مختشعٍ حتى تلاقيَ ما يُمني لك الماني.
الثالث : أنه بمعنى يشترك أي اشتراك ماء الرجل بماء المرأة.
﴿ ثم كان عَلَقَةً ﴾ يعني أنه كان بعد النطفة علقة.
﴿ فخَلَقَ فسوَّى ﴾ يحتمل وجهين.
أحدهما : خلق من الأرحام قبل الولادة وسوي بعدها عند استكمال القوة وتمام الحركة.
الثاني : خلق الأجسام وسواها للأفعال، فجعل لكل جارحة عملاً، والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon