﴿ وزَيْتوناً ونخْلاً * وحدائقَ غُلْباً ﴾ فيه قولان :
أحدهما : نخلاً كراماً، قاله الحسن.
الثاني : الشجر الطوال الغلاظ، قال الكلبي : الْغلب الغِلاط، قال الفرزدق :
عَوَى فأَثارَ أغْلَبَ ضَيْغَميّاً | فَوَيْلَ ابنِ المراغةِ ما استثار |
أحدها : أنها ما التف واجتمع، قاله ابن عباس.
الثاني : أنه نبت الشجر كله.
الثالث : أنه ما أحيط عليه من النخل والشجر، وما لم يحط عليه فليس بحديقة حكاه أبو صالح.
ويحتمل قولاً رابعاً : أن الحدائق ما تكامل شجرها واختلف ثمرها حتى عم خيرها.
ويحتمل الغُلْب أن يكون ما غلبت عليه ولم تغلب فكان هيناً.
﴿ وفاكهةً وأبّاً ﴾ فيه خمسة أقاويل :
أحدها : أن الأبّ ما ترعاه البهائم، قاله ابن عباس : وما يأكله الآدميون الحصيدة، قال الشاعر في مدح النبي ﷺ :
له دعوة ميمونة ريحها الصبا | بها يُنْبِتُ الله الحصيدة والأَبّا |
الثالث : أنه كل نبات سوى الفاكهة، وهذا ظاهر قول الكلبي.
الرابع : أنه الثمار الرطبة، قاله ابن أبي طلحة.
الخامس : أنه التبن خاصة، وهو يحكي عن ابن عباس أيضاً، قال الشاعر :
فما لَهم مَرْتعٌ للسّوا | م والأبُّ عندهم يُقْدَرُ |
ويحتمل سابعاً : أن الأبّ ما أخلف مثل أصله كالحبوب، والفاكهة ما لم يخلف مثل أصله من الشجر.
روي أن عمر بن الخطاب قرأ ﴿ عبس وتولّى ﴾ فلما بلغ إلى قوله تعالى :﴿ وفاكهة وأبّا ﴾ قال : قد عرفنا الفاكهة، فما الأبّ؟ ثم قال : لعمرك يا ابن الخطاب إن هذا هو التكلف وألقى العصا من يده.
وهذا مثل ضربه الله تعالى لبعث الموتى من قبورهم فهم كنبات الزرع بعد دثوره، وتضمن امتناناً عليهم بما أنعم.