الثاني : ما رواه صفوان بن سليم عن عائشة قالت : سئل رسول الله عن الذي يحاسب حساباً يسيراً، فقال :« يعرف عمله ثم يتجاوز عنه، ولكن من نوقش الحساب فذلك هو الهالك ».
الثالث : أنه العرض، روى ابن أبي مليكة عن عائشة رضي الله عنها : أنها سألت رسول الله ﷺ عن قوله :﴿ فسوف يحاسب حساباً يسيراً ﴾ فقال :« ذلك العرض يا عائشة، من نوقش في الحساب يهلك ».
﴿ وَيَنقَلِبُ إلى أهْلِه مَسْروراً ﴾ قال قتادة : إلى أهله الذين قد أعدهم الله له في الجنة.
ويحتمل وجهاً ثانياً : أن يريد أهله الذين كانوا له في الدنيا ليخبرهم بخلاصه وسلامته.
﴿ إنَّه ظَنَّ أن لن يَحُورَ ﴾ أي لن يرجع حياً مبعوثاً فيحاسب ثم يثاب أو يعاقب، يقال : حار يحور، إذا رجع، ومنه الحديث :« أعوذ بالله من الحْور بعد الكْور »، يعني من الرجوع إلى النقصان بعد الزيادة، وروي :« بعد الكوْن »، ومعناه انتشار الأمر بعد تمامه.
وسئل معمر عن الحور بعد الكْون فقال : الرجل يكون صالحاً ثم يتحول امرء سوء.
وقال ابن الأعرابي : الكُنْنّي : هو الذي يقول : كنت شاباً وكنت شجاعاً، والكاني : هو الذي يقول : كان لي مال وكنت أهب وكان لي خيل وكنت أركب، وأصل الحور الرجوع، قال لبيد :

وما المرءُ إلا كالشهاب وضوئه يَحُورُ رماداً بَعْد إذ هو ساطعُ.
وقال عكرمة وداود بن أبي هند : يحور كلمة بالحبشية، ومعناها يرجع وقيل للقصار حواري لأن الثياب ترجع بعمله إلى البياض.
﴿ بلى إنّ ربّه كان به بَصيراً ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : مشاهداً لما كان عليه.
الثاني : خبيراً بما يصير إليه.


الصفحة التالية
Icon