﴿ تَرْميهم بحجارةٍ مِن سِجّيلٍ ﴾ فيه أربعة أقاويل :
أحدها : أن السجيل كلمة فارسية هي سنك وكل، أولها حجر، وآخرها : طين، قال ابن عباس.
الثاني : أن السجيل هو الشديد، قاله أبو عبيدة، ومنه قول ابن مقبل :
ورجْلةٍ يضْرِبون البَيْضَ عن عَرَضٍ | ضَرْباً تواصى به الأَبطالُ سِجِّيلاً |
الرابع : أنه اسم بحر من الهواء، منه جاءت الحجارة فنسبت إليه، قاله عكرمة وفي مقدار الحجر قولان :
أحدهما : أنه حصى الخذف، قاله مقاتل.
الثاني : كان الحجر فوق العدسة ودون الحمصة، قاله أبو صالح : رأيت في دار أم هانىء نحو قفيز من الحجارة التي رمي بها أصحاب الفيل مخططة بحمرة كأنها الجزع، وقال ابن مسعود : ولما رمت الطير بالحجارة بعث الله ريحها فزادتها شدة، وكانت لا تقع على أحد إلا هلك ولم يسلم منهم إلا رجل من كندة، فقال :
فإنكِ لو رأيْتِ ولم تريهِ | لدى جِنْبِ المغَمِّسِ ما لَقينا |
خَشيتُ الله إذ قدْبَثَّ طَيْراً | وظِلَّ سَحابةٍ مرَّتْ علينا |
وباتت كلُّها تدْعو بحقٍّ | كأنَّ لها على الحُبْشانِ دَيْنا |
أحدها : أن العصف ورق الزَّرع، والمأكول الذي قد أكله الدود، قاله ابن عباس.
الثاني : أن العصف المأكول هو الطعام، وهذا قول حسين بن ثابت.
الثالث : أنه قشر الحنطة إذا أكل ما فيه، رواه عطاء بن السائب.
الرابع : أنه ورق البقل إذا أكلته البهائم فراثته، قاله ابن زيد.
الخامس : أن العصف التين والمأكول القصيل للدواب، قاله سعيد بن جبير والحسن، واختلف فيما فعله الله بهم، فقال قوم : كان ذلك معجزة لنبيّ كان في ذلك الزمان، وقيل إنه كان خالد بن سنان.
وقال آخرون : بل كان تمهيداً وتوطيداً لنبوة محمد ﷺ لأنه ولد في عامه وقيل في يومه.