« جعلت لي علامة في أمتي إذا رأيتها قلتها »
وفي قوله ﴿ إنه كان توّاباً ﴾ وجهان :
أحدهما : قابل التوبة.
والثاني : متجاوز عن الصغائر.
وفي أمره بهذابعد النصر والفتح وجهان :
أحدهما : ليكون ذلك منه شكراً لله تعالى على نعمه، لأن تجديد النعم يوجب تجديد الشكر.
الثاني : أنه نعى إليه نفسه، ليجد في عمله.
قال ابن عباس : وداعٌ من الله، ووداعٌ من الدنيا، فلم يعش بعدها إلا سنتين مستديماً التسبيح والاستغفار كما أُمِرَ، وكان قد لبث أربعين سنة لم يوح إليه، ورأى رؤيا النبوة سنتين، ومات في شهر ربيع الأول وفيه هاجر.
وقال مقاتل : نزلت هذه السورة بعد فتح الطائف، والفتح فتح مكة، والناس أهل اليمن، وهي آية موت النبي ﷺ فلما نزلت قرأها على أبي بكر وعمر ففرحا بالنصر وبدخول الناس أفواجاً في دين الله تعالى، وسمعها العباس فبكى، فقال النبي ﷺ :« ما يبكيك يا عم؟ » فقال : نعيت إليك نفسك، قال :« إنه لكما تقول ».
وهذه السورة تسمى التوديع، عاش النبي بعدها حولاً على قول مقاتل، وحولين على قول ابن عباس، ثم حج رسول الله ﷺ من قابل، فنزل ﴿ اليوم أكملت لكم دينكم ﴾ الآية، فعاش بعدها ثمانين يوماً، ثم نزلت « لقد جاءكم رسول » فعاش بعدها خمسة وثلاثين يوماً، ثم نزلت ﴿ واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ﴾ فعاش بعدها واحداً وعشرين يوماً.
وقال مقاتل : عاش بعدها سبعة أيام، والله أعلم وصلوات الله عليه متتابعة لا تنقطع على مر الأزمان وكر الأوان، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.