الثالث : لأن الاسم أشرف من الكنية، لأن الكنية إشارة إليه باسم غيره، ولذلك دعا الله أنبياءه بأسمائهم.
وفي قوله ﴿ وتَبَّ ﴾ أربعة أوجه :
أحدها : أنه تأكيد للأول من قوله ﴿ تبت يدا أبي لهب ﴾ فقال بعده « وتب » تأكيداً. الثاني : يعني تبت يدا أبي لهب بما منعه الله تعالى من أذى لرسوله، وتب بما له عند الله من أليم عقابه.
الثالث : يعني قد تبّ، قاله ابن عباس.
الرابع : يعني وتبّ ولد أبي لهب، قاله مجاهد.
وفي قراءة ابن مسعود : تبت يدا أبي لهبٍ وقد تب، جعله خبراً، وهي على قراءة غيره تكون دعاء كالأول.
وفيما تبت عنه يدا أبي لهب وجهان :
أحدهما : عن التوحيد، قاله ابن عباس.
الثاني : عن الخيرات، قاله مجاهد.
﴿ ما أَغْنَى عَنْه مالُه وما كَسَب ﴾ في قوله « ما أغنى عنه » وجهان :
أحدهما : ما دفع عنه.
الثاني : ما نفعه، قاله الضحاك.
وفي ﴿ مالُه ﴾ وجهان :
أحدهما : أنه أراد أغنامه، لأنه كان صاحب سائمة، قاله أبو العالية.
الثاني : أنه أراد تليده وطارفه، والتليد : الموروث، والطارف : المكتسب.
وفي قوله ﴿ وما كَسَبَ ﴾ وجهان :
أحدهما : عمله الخبيث، قاله الضحاك.
الثاني : ولده، قاله ابن عباس.
وروي عن النبي ﷺ أنه قال :« أولادكم من كسبكم »
وكان ولده عتبة بن أبي لهب مبالغاً في عداوة النبي ﷺ كأبيه، فقال حين نزلت ﴿ والنجم إذا هوى ﴾ كفرت بالنجم إذا هوى، وبالذي دنا فتدلى، وتفل في وجه رسول الله ﷺ إلى الشام، فقال رسول الله ﷺ :« اللهم سلط عليه كلباً من كلابك » فأكله الأسد.
وفيما لم يغن عنه ماله وما كسب وجهان :
أحدهما : في عداوته النبي ﷺ.
الثاني : في دفع النار عنه يوم القيامة.
﴿ سَيَصْلَى ناراً ذاتَ لَهَبٍ ﴾ في سين سيصلى وجهان :
أحدهما : أنه سين سوف.
الثاني : سين الوعيد، كقوله تعالى ﴿ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ ﴾ و ﴿ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا ﴾ وفي ﴿ يَصْلًى ﴾ وجهان :
أحدهما : صلي النار، أي حطباً ووقوداً، قاله ابن كيسان.
الثاني : يعني تُصليه النار، أي تنضجه، وهو معنى قول ابن عباس، فيكون على الوجه الأول صفة له في النار، وعلى الوجه الثاني صفة للنار.
وفي ﴿ ناراً ذاتَ لَهَبٍ ﴾ وجهان :
أحدهما : ذات ارتفاع وقوة واشتعال، فوصف ناره ذات اللهب بقوتها، لأن قوة النار تكون مع بقاء لهبها.
الثاني : ما في هذه الصفة من مضارعة كنيته التي كانت من نذره ووعيده.
وهذه الآية تشتمل على امرين :
أحدهما : وعيد من الله حق عليه بكفره.
الثاني : إخبار منه تعالى بأنه سيموت على كفره، وكان خبره صدقاً، ووعيده حقاً.


الصفحة التالية
Icon