قوله تعالى :﴿ قُل لاَّ أسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ﴾ فيه خمسة أوجه :
أحدها : معناه ألا تؤذوني في نفسي لقرابتي منكم، وهذا لقريش خاصة لأنه لم يكن بطن من قريش إلا بينهم وبين رسول الله ﷺ قرابة، قاله ابن عباس، وعكرمة، ومجاهد، وأبو مالك.
الثاني : معناه إلا أن تؤدوا قرابتي، وهذا قول علي بن الحسين وعمرو بن شعيب والسدي. وروى مقسم عن ابن عباس قال : سمع رسول الله ﷺ سيئاً فخطب فقال للأنصار « أَلَمْ تَكُونُواْ أَذِلاَّءَ فَأعِزَّكُمُ اللَّهُ بِي؟ أَلَمْ تَكُونُوا ضُلاَّلاً فَهَداَكُمْ اللَّهُ بِي؟ أَلَمْ تَكُونُوا خأَئِفِينَ فَأَمَّنَكُمُ اللَّهُ بِي؟ أَلاَ تَردُواْ عَلَيَّ » فقالواْ : بم نجيبك؟ فقال تَقُولُونَ :« أَلَمْ يَطْرُدْكَ قَوْمُكَ فَآوَيَنَاكَ؟ أَلَمْ يُكَذِّبْكَ قَومَكَ فَصَدَّقْنَاكَ؟ » فعد عليهم، قال : فجثوا على ركبهم وقالواْ : أنفسنا وأموالنا لك «. فنزلت ﴿ قُل لاَّ أَسْأَلَكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ﴾.
الثالث : معناه إلا أن توادوني وتؤازروني كما توادون وتؤازرون قرابتكم، قاله ابن زيد.
الرابع : معناه إلا أن تتوددوا وتتقربوا إلى الله بالطاعة والعمل الصالح، قاله الحسن، وقتادة.
الخامس : معناه إلا أن تودوا قرابتكم وتصلوا أرحامكم، قاله عبد الله بن القاسم.
﴿ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنةً ﴾ أي يكتسب، وأصل القرف الكسب.
﴿ نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً ﴾ أي نضاعف له بالحسنة عشراً.
﴿ إِنَّ اللَّه غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : غفور للذنوب، شكور للحسنات، قاله قتادة.
الثاني : غفور لذنوب آل رسول الله ﷺ، شكور لحسناتهم، قاله السدي.
قوله تعالى :﴿ فَإِن يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أي ينسيك ما قد آتاك من القرآن، قاله قتادة.
الثاني : معناه يربط على قلبك فلا يصل إليه الأذى بقولهم افترى على الله كذباً، قاله مقاتل.
الثالث : معناه لو حدثت نفسك أن تفتري على الله كذباً لطبع الله على قلبك، قاله ابن عيسى.
﴿ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : ينصر دينه بوعده.
الثاني : يصدق رسوله بوحيه.