ص : ١٨٣
ينبغي لأحد سواه. والعدل يتضمن وقوع أفعاله كلها على السداد والصواب، وموافقة الحكمة.
فهذا توحيد الرسل وعدلهم : إثبات حقائق الأسماء والصفات على ما يليق بالرب سبحانه، والأمر بعبادة اللّه وحده لا شريك له، وإثبات القدر، والحكم والغايات المحمودة بفعله وأمره، لا توحيد الجهمية والمعتزلة والقدرية. الذي هو إنكار الصفات، وحقائق الأسماء الحسنى، وعدلهم، الذي هو التكذيب بالقدر، أو نفي الحكم والغايات والعواقب الحميدة التي يفعل الرب لأجلها ويأمر.
وقيامه سبحانه بالقسط في شهادته : يتضمن أمورا.
أحدها : أنه قائم بالقسط في هذه الشهادة التي هي أعدل شهادة على الإطلاق، وإنكارها وجحودها أظلم الظلم على الإطلاق. فلا أعدل من توحيد الرسل، ولا أظلم من الشرك. فهو سبحانه قائم بالعدل في هذه الشهادة قولا وفعلا، حيث شهد بها وأخبر، وأعلم عباده وبيّن لهم تحقيقها وصحتها، وألزمهم بمقتضاها، وحكم به، وجعل الثواب والعقاب عليها، وجعل الأمر والنهي من حقوقها وواجباتها.
فالدين كله من حقوقها. والثواب كله عليها. والعقاب كله على تركها. وهذا هو العدل الذي قام به الرب تعالى في هذه الشهادة.
فأوامره كلها تكميل لها. وأمر بأداء حقوقها. ونواهيه كلها صيانة لها عما يهدمها ويضادها.
وثوابه كلها عليها. وعقابه على تركها، وترك حقوقها.
وخلقه السموات والأرض وما بينهما كان بها ولأجلها.
وهي الحق الذي خلقت به المخلوقات. وضدها : هو الباطل والعبث الذي نزه اللّه نفسه عنه، وأخبر أنه لم يخلق به السموات والأرض.