ص : ١٨٥
والصنم مثل العبد الذي هو كلّ على مولاه، أينما يوجهه لا يأت بخير.
والمقصود : أن قوله تعالى قائِماً بِالْقِسْطِ :: هو كقوله : إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ.
وقوله : قائِماً بِالْقِسْطِ : نصب على الحال. وفيه وجهان.
أحدهما : أنه حال من الفاعل في «شهد اللّه» والعامل فيه معنى الفعل. والمعنى على هذا على هذا : شهد اللّه حال قيامه بالقسط : أنه لا إله إلا هو.
والثاني : أنه حال من قوله :«هو» والعامل فيها معنى النفي، أي لا إله إلا هو حال كونه قائما بالقسط.
وبين التقديرين فرق ظاهر. فإن التقدير الأول يتضمن أن المعنى : شهد اللّه متكلما بالعدل به، آمرا به، فاعلا له، مجازيا عليه : أنه لا إله إلا هو.
فإن العدل يكون في القول والفعل، و«المقسط» هو العادل في قوله وفعله.
فشهد اللّه قائما بالعدل قولا وفعلا : أنه لا إله إلا هو. وفي ذلك تحقيق لكون هذه الشهادة شهادة عدل وقسط. وهي أعدل شهادة، كما أن المشهود به أعدل الشيء، وأصحه وأحقه.
وذكر ابن السائب وغيره في سبب نزول الآية : ما يشهد بذلك. وهو «أن حبرين من أحبار الشام قدما على النبي صلّى اللّه عليه وسلّم. فلما أبصرا المدينة، قال أحدهما لصاحبه : ما أشبه هذه المدينة بمدينة النبي الذي يخرج في آخر الزمان. فلما دخلا على النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قالا له : أنت محمد؟ قال : نعم قالا :
وأحمد؟ قال : نعم. قالا : نسألك عن شهادة. فإن أخبرتنا بها آمنا بك.
قال سلاني. قالا : أخبرنا عن أعظم شهادة في كتاب اللّه فنزلت : شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الآية».