ص : ١٩٠
الذي يفعل بقدرته، ومشيئته وحكمته. وهو الموصوف بالصفات والأفعال، المسمى بالأسماء التي قامت به حقائقها ومعانيها. وهذا لا يثبته على الحقيقة إلا أتباع الرسل، وهم أهل العدل والتوحيد على الحقيقة.

فصل


فالجهمية والمعتزلة تزعم أن ذاته لا تحب. ووجهه لا يراد، ولا يلتذ بالنظر إليه، ولا تشتاق القلوب إليه، فهم في الحقيقة منكرون لإلهيته.
والقدرية : تنكر دخول أفعال الملائكة والجن والإنس وسائر الحيوان تحت قدرته ومشيئته وخلقه. فهم منكرون في الحقيقة لكمال عزته وملكه.
والجبرية : تنكر حكمته، وأن يكون له في أفعاله وأوامره غاية يفعل ويأمر لأجلها. فهم منكرون في الحقيقة لحكمته وحمده.
وأتباع ابن سينا والنصير الطوسي وفروخهما : ينكرون أن يكون ربهم ماهية غير الوجود المطلق، وأن يكون له وصف ثبوتي زائد على ماهية الوجود. فهم في الحقيقة منكرون لذات ربنا وصفاته وأفعاله، لا يتحاشون من ذلك.
والاتحادية : أدهى وأمرّ. فإنهم رفعوا القواعد من الأصل، وقالوا : ما ثم وجود خالق ووجود مخلوق، بل الخلق المشبّه هو عين الحق المنزه، كل ذلك من عين واحدة، بل هو العين الواحدة.
فهذه الشهادة العظيمة : كل هؤلاء هم بها غير قائمين. وهي متضمنة لإبطال ما هم عليه ورده، كما تضمنت إبطال ما عليه المشركون ورده. وهي مبطلة لقول طائفتي الشرك والتعطيل. ولا يقوم بهذه الشهادة إلا أهل التوحيد والإثبات الذين يثبتون للّه ما أثبته لنفسه من الأسماء والصفات، وينفون عنه مماثلة المخلوقات، ويعبدونه وحده لا يشركون به شيئا.


الصفحة التالية
Icon