ص : ٢٢٩
وقيل : الدرجات سبعون درجة ما بين الدرجتين حضر الفرس الجواد المضمر سبعين سنة.
والصحيح : أن الدرجات هي المذكورة
في حديث أبي هريرة الذي رواه البخاري في صحيحه عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال «من آمن باللّه ورسوله، وأقام الصلاة، وصام رمضان. فإن حقا على اللّه أن يدخله الجنة، هاجر في سبيل اللّه أو جلس في أرضه التي ولد فيها. قالوا : يا رسول اللّه، أفلا نخبر الناس بذلك؟ قال : إن في الجنة مائة درجة أعدها اللّه للمجاهدين في سبيله. كل درجتين كما بين السماء والأرض. فإذا سألتم اللّه فاسألوه الفردوس. فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن. ومنه تفجر أنهار الجنة»
قالوا : وجعل سبحانه تعالى : التفضيل الأول بدرجة فقط، وجعله هاهنا بدرجات، ومغفرة ورحمة. وهذا يدل على أنه يفضل على غير أولي الضرر.
فهذا تقرير هذا القول وإيضاحه.
ولكن بقي أن يقال : إذا كان المجاهدون أفضل من القاعدين مطلقا لزم أن لا يستوي مجاهد وقاعد مطلقا، فلا يبقى في تقييد القاعدين بكونهم من غير أولي الضرر فائدة. فإنه لا يستوي المجاهدون والقاعدون من أولي الضرر أيضا.
وأيضا فإن القاعدين المذكورين في الآية الذين وقع التفضيل عليهم هم غير أولي الضرر، لا القاعدون الذين هم أولو الضرر. فإنهم لم يذكر حكمهم في الآية، بل استثناهم، وبين أن التفضيل على غيرهم. فاللام في القاعدين للعهد. والمعهود : هم غير أولي الضرر، لا المضرورون.
وأيضا فالقاعد من المجاهدين لضرورة تمنعه من الجهاد له مثل أجر المجاهد، كما
ثبت عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال «إذا مرض العبد أو سافر كتب له من العمل ما كان يعمل صحيحا مقيما»
وقال صلّى اللّه عليه وسلّم «إن بالمدينة أقواما ما