ص : ٢٤٣
أفئدتهم وأبصارهم حتى يرجعوا إلى ما سبق عليهم من علمي. قال : وهذا كقوله : ٨ : ٢٤ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ.
وقال آخرون : المعنى : ونقلب أفئدتهم وأبصارهم لتركهم الإيمان به أول مرة، فعاقبناهم بتقليب أفئدتهم وأبصارهم. وهذا معنى حسن. فإن كاف التشبيه تتضمن نوعا من التعليل. كقوله : وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وقوله : كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ، فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ والذي حسن اجتماع التعليل والتشبيه : الإعلام بأن الجزاء من جنس العمل في الخير والشر.
والتقليب : تحويل الشيء من وجه إلى وجه، وكان الواجب من مقتضى إنزال الآية ووصولهم إليها كما سألوا : أن يؤمنوا إذ جاءتهم لأنهم رأوها عيانا وعرفوا أدلتها وتحققوا صدقها. فإذا لم يؤمنوا كان ذلك تقليبا لقلوبهم وأبصارهم عن وجهها الذي ينبغي أن تكون عليه. و
قد روى مسلم في صحيحه من حديث عبد اللّه بن عمرو أنه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول :«إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد، يصرفه كيف يشاء، ثم قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك»
وروى الترمذي من حديث أنس قال :«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يكثر أن يقول : يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك. فقلت : يا رسول اللّه، آمنا بك وبما جئت به. فهل تخاف علينا؟ قال : إن القلوب بين إصبعين من أصابع اللّه يقلبها كيف يشاء»
قال الترمذي : هذا حديث حسن. و
روى حماد عن أيوب وهشام ويعلى بن زياد عن الحسن قال : قالت عائشة رضي اللّه عنها :«دعوة كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يكثر أن يدعو بها : يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك. فقلت : يا رسول اللّه، دعوة كثيرا ما تدعو بها؟ قال : إنه ليس من عبد إلا وقلبه بين إصبعين من أصابع اللّه. فإذا شاء أن يقيمه أقامه،