ص : ٢٩٤ وأطاع شيطانه. وقال ابن زيد : كان هواه مع القوم، يعني الذين حاربوا موسى وقومه وقال ابن يمان : اتبع امرأته لأنه هي التي حملته على ما فعل.
فإن قيل : الإستدراك «بلكن» يقتضي أن يثبت بعدها ما نفي قبلها، أو ينفي ما أثبت، كما تقول : لو شئت لأعطيته، لكني لم أعطه، ول شئت لما فعلت كذا لكني فعلته. والإستدراك يقتضي : ولو شئنا لرفعناه بها ولكنا لم نشأ، أو لم نرفعه، فكيف استدرك بقوله : وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ بعد قوله : لَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها.
قيل : هذا من الكلام الملحوظ فيه جانب المعنى، المعدول فيه عن مراعاة الألفاظ إلى المعاني. وذلك أن مضمون قوله : وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها أنه لم يتعاط الأسباب التي تقتضي رفعه بالآيات : من إيثار اللّه ومرضاته على هواه، ولكنه آثر الدنيا، وأخلد إلى الأرض واتبع هواه.
وقال الزمخشري : المعنى : ولو لزم آياتنا لرفعناه بها. فذكر المشيئة والمراد ما هي تابعة له ومسببة عنه، كأنه قيل : لو لزمها لرفعناه بها. قال :
ألا ترى إلى قوله : وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ فاستدرك المشيئة بإخلاده الذي هو فعله. فوجب أن يكون : ولو شئنا في معنى : ما هو فعله، ولو كان الكلام على ظاهره لوجب أن يقال : ولو شئنا لرفعناه، ولكنا لم نشأ.
فهذا من الزمخشري شنشنة «١» نعرفها من قدري ناف للمشيئة العامة، مبعد للنجعة في جعل كلام اللّه معتزليا قدريا.
فأين قوله : وَلَوْ شِئْنا من قوله : ولو لزمها. ثم إذا كان اللزوم لها موقوفا على مشيئة اللّه- وهو الحق- بطل أصله.
وقوله : إن مشيئة اللّه تابعة للزوم الآيات : من أفسد الكلام وأبطله، بل لزومه لآياته تابع لمشيئة اللّه، فمشيئة اللّه سبحانه متبوعة لا تابعة. وسبب