ص : ٣٦١
باللّه، وللّه، وفي مرضاته، متصلا بالظفر بالبغية، وحصول المطلوب، ضد مخرج الكذب ومدخله، الذي لا غاية له يوصل إليها، ولا له ساق ثابتة يقوم عليها. كمخرج أعدائه يوم بدر، ومخرج الصدق : كمخرجه صلّى اللّه عليه وسلّم هو وأصحابه في تلك الغزوة. وكذلك مدخله المدينة كان مدخل صدق باللّه، وللّه، وابتغاء مرضاة اللّه. فاتصل به التأييد والظفر والنصر، وإدراك ما طلبه في الدنيا والآخرة، بخلاف مدخل الكذب الذي رام أعداؤه أن يدخلوا به المدينة يوم الأحزاب. فإنه لم يكن للّه، ولا باللّه، بل كان محادة للّه ولرسوله. فلم يتصل به إلا الخذلان والبوار.
وكذلك مدخل من دخل من اليهود والمحاربين لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حصن بني قريظة فإنه لما كان مدخل كذب أصابهم معه ما أصابهم.
فكل مدخل ومخرج كان باللّه وللّه وابتغاه مرضاة اللّه : فصاحبه ضامن على اللّه. فهو مدخل صدق ومخرج صدق.
وكان بعض السلف إذا خرج من داره رفع رأسه إلى السماء وقال :
اللهم إني أعوذ بك أن أخرج مخرجا لا أكون فيه ضامنا عليك. يريد أن لا يكون المخرج مخرج صدق. ولذلك فسر مدخل الصدق ومخرجه : بخروجه صلّى اللّه عليه وسلّم من مكة، ودخوله المدينة. ولا ريب أن هذا على سبيل التمثيل. فإن هذا المدخل والمخرج من أجلّ مداخله ومخارجه صلّى اللّه عليه وسلّم. وإلا فمداخله ومخارجه كلها مداخل صدق ومخارج صدق، إذ هي للّه وباللّه وبأمره، ولابتغاء مرضاته.
وما خرج أحد من بيته ودخل سوقه أو أي مدخل آخر إلا بصدق أو بكذب. فمخرج كل واحد ومدخله لا يعدو الصدق والكذب. واللّه المستعان.
وأما لسان الصدق : فهو الثناء الحسن عليه صلّى اللّه عليه وسلّم من سائر الأمم بالصدق، ليس ثناء بالكذب. كما قال عن إبراهيم وذريته من الأنبياء والرسل