ص : ٤١٦
فطريق التخلص من السؤال الأول : بتجريد الإخلاص. وطريق التخلص من السؤال الثاني : بتحقيق المتابعة. وسلامة القلب من إرادة تعارض الإخلاص ومن هوى يعارض الاتباع. فهذا حقيقة سلامة القلب.
فمن سلم قلبه ضمنت له النجاة والسعادة.
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٩٨]
إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ (٩٨)
وهذه التسوية إنما كانت في الحب والتأليه واتباع ما شرعوا، لا في الخلق والقدرة والربوبية وهي العدل الذي أخبر به عن الكفار، كقوله :
٦ : ١ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ.
وأصح القولين : أن المعنى : ثم الذين كفروا بربهم يعدلون، فيجعلون له عدلا يحبونه ويقدسونه ويعبدونه، كما يعبدون اللّه ويعبدونه، ويعظمون أمره.
وقال في طريق الهجرتين :
وهذه التسوية لم تكن منهم في الأفعال والصفات، بحيث اعتقدوا أنها مساوية للّه سبحانه في أفعاله وصفاته. وإنما كانت تسوية منهم بين اللّه وبينها في المحبة والعبودية والتعظيم، مع إقرارهم بالفرق بين اللّه وبينها. فتصحيح هذه : هو تصحيح شهادة أن لا إله إلّا اللّه.
فحقيق لمن نصح نفسه، وأحب سعادتها ونجاتها : أن يتيقظ لهذه المسألة علما وعملا، وتكون أهم الأشياء عنده، وأجلّ علومه وأعماله، فإن الشأن كله فيها، والمدار كله عليها، والسؤال يوم القيامة عنها. قال تعالى :
١٥ : ٩٢- ٩٣ فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ قال غير واحد من السلف : هو عن قول «لا إله إلا اللّه» وهذا حق. فإن السؤال كله عنها،


الصفحة التالية
Icon