ص : ٤٤٠
حبسناهم عن الاتفاق. قال أبو إسحاق : إنما يقال للشيء اللازم : هذا في عنق فلان، أي لزومه كلزوم القلادة من بين ما يلبس في العنق. فقال أبو علي : هذا مثل قولهم : طوقتك كذا وقلدتك. ومنه : قلده السلطان كذا، أي صارت الولاية في لزومها له في موضع القلادة، ومكان الطوق.
قلت : ومن هذا قولهم : قلدت فلانا حكم كذا وكذا. كأنك جعلته طوقا في عنقه. وقد سمى اللّه التكاليف الشاقة أغلالا في قوله : ٧ : ١٥٧ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ فشبهها بالأغلال لشدتها وصعوبتها. قال الحسن : هي الشدائد التي كانت في العبادة. كقطع أثر البول والنجاسة، وقتل النفس في التوبة. وقطع الأعضاء الخاطئة. وتتبع العروق من اللحم. وقال ابن قتيبة : هي تحريم اللّه سبحانه عليهم كثيرا مما أطلقه لأمة محمد صلّى اللّه عليه وسلّم وجعلها أغلالا لأن التحريم يمنع، كما يفيض الغل اليد.
وقوله : فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ قالت طائفة : الضمير يعود إلى الأيدي، وإن لم تذكر لدلالة السياق عليها. قالوا : لأن الغل يكون في العنق فتجمع إليه اليد. ولذلك سمي جامعة. وعلى هذا فالمعنى : فأيديهم، أو فأيمانهم مضمومة إلى أذقانهم. وهذا قول الفراء والزجاج.
وقالت طائفة : الضمير يرجع إلى الأغلال. وهذا هو الظاهر. وقوله :
فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ أي واصلة وملزوزة إليها، فهو غل عريض قد أحاط بالعنق حتى وصل إلى الذقن.
وقوله : فَهُمْ مُقْمَحُونَ قال الفراء والزجاج : المقمح : هو الغاض بصره بعد رفع رأسه. ومعنى الإقماح في اللغة رفع الرأس وغض البصر. يقال : أقمح البعير رأسه، وقمح. وقال الأصمعي : بعير قامح إذا رفع رأسه عن الحوض ولم يشرب. قال الأزهري : لما غلت أيديهم إلى


الصفحة التالية
Icon