ص : ٤٤٥
المذكور على المحذوف. وأكثر ما تجده مذكورا وحذفه قليل. وإما أن يحذف حذفا مطردا ولم يذكره في موضع واحد، ولا في اللفظ ما يدل عليه.
فهذا لا يقع في القرآن.
الثالث : أن في قراءة ابن مسعود، وتركنا عليه في الآخرين. سلاما فالنصب وهذا يدل على أن المتروك هو السلام نفسه.
الرابع : أنه لو كان السلام منقطعا مما قبله لأخل ذلك بفصاحة الكلام وجزالته، ولما حسن الوقوف على ما قبله.
وتأمل هذا بحال السامع إذا سمع قوله : وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ كيف يجد قلبه متشوفا متطلعا إلى تمام الكلام واجتناء الفائدة منه، ولا يجد فائدة الكلام انتهت وتمت، ليظهر عندها، بل يبقى طالبا لتمامها وهو المتروك. فالوقف على «الآخرين» ليس بوقف تام.
فإن قيل : فيجوز حذف المحذوف من هذا الباب، لأن «ترك» هنا في معنى «أعطى» لأنه أعطاه ثناء حسنا أبقاه عليه في الأخرى ويجوز في باب «أعطى» ذكر المفعولين وحذفهما والاقتصار على أحدهما : وقد وقع ذلك في القرآن. كقوله : ١٠٨ : ١ إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ فذكرهما. وقال :
٩٢ : ٥ فَأَمَّا مَنْ أَعْطى فحذفهما. وقال لسوف : ٩٨ : ٥ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فحذف الثاني، واقتصر على الأول. وقال : وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ فحذف الأول. واقتصر على الثاني.
قيل : فعل الإعطاء فعل مدح، لفظه دليل على أن المفعول المعطي قد ناله عطاء المعطى والإعطاء إحسان ونفع وبر، فجاز ذكر المفعولين وحذفهما والاقتصار على أحدهما بحسب الغرض المطلوب من الفعل.
فإن كان المقصود إيجاد ماهية الإعطاء المخرجة للعبد من البخل والشح والمنع، المنافي للإحسان ذكر الفعل مجردا. كما قال تعالى : فَأَمَّا مَنْ