ص : ٤٥٥
ولهذا قال عبد اللّه بن عمر «إن اللّه لم يخلق بيده إلا ثلاثا خلق آدم بيده، وغرس جنة الفردوس بيده، وكتب التوراة بيده» فلو كانت اليد هي القدرة لم يكن لها اختصاص بذلك، ولا كانت لآدم فضيلة بذلك على كل شيء مما خلق بالقدرة.
وقد أخبر النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أن «أهل الموقف يأتونه يوم القيامة، فيقولون :
يا آدم، أنت أبو البشر، خلقك اللّه بيده»

وكذلك قال آدم لموسى في محاجته له
«اصطفاك اللّه بكلامه، وخطّ لك الألواح بيده»
وفي لفظ آخر «كتب لك التوراة بيده»
وهو من أصح الأحاديث. وكذلك
الحديث المشهور «أن الملائكة قالوا : يا رب خلقت بني آدم يأكلون ويشربون، وينكحون، ويركبون، فأجعل لهم الدنيا ولنا الأخرى، فقال اللّه تعالى : لا أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي ونفخت فيه من روحي، كمن قلت له : كن فكان».
وهذا التخصيص إنما فهم من قوله «خلقت بيديّ» فلو كان مثل قوله :
مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا لكان هو والأنعام في ذلك سواء. فلما فهم المسلمون أن قوله : ٣٨ : ٧٥ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ يوجب له تخصيصا وتفضيلا بكونه مخلوقا باليدين على من أمر أن يسجد له، وفهم ذلك أهل الموقف حين جعلوه من خصائصه : كانت التسوية بينه وبين قوله :
٣٦ : ٧١ أَوَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً خطأ محضا.


الصفحة التالية
Icon