ص : ٤٦٦
وكان اليوم نحسا عليهم لإرسال العذاب عليهم فيه، أي لا يقلع فيه، أي لا يقلع عنهم، كما تقلع مصائب الدنيا التي تأتي وتذهب، بل هذا النحس دائم على هؤلاء المكذبين للرسل.
و«مستمر» صفة للنحس، لا لليوم، ومن ظن أنه صفة لليوم، وأنه كان يوم أربعاء آخر شهر، وأن هذا اليوم نحس أبدا. فقد غلط وأخطأ فهم القرآن، فإن اليوم المذكور بحسب ما يقع فيه، فكم للّه من نعمة على أوليائه في هذا اليوم، وكم له فيه من بلايا ونقم على أعدائه، كما يقع ذلك في غيره من الأيام، فسعود الأيام ونحوسها : إنما هو لسعود الأعمال، وموافقتها لمرضاة الرب، ونحوس الأعمال : إنما هو بمخالفتها لما جاءت به الرسل.
واليوم الواحد يكون يوم سعد لطائفة، ونحس لطائفة، كما كان يوم بدر يوم سعد للمؤمنين، ويوم نحس على الكافرين.
وقال تعالى : ٤١ : ٣٣ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
وقال تعالى : ٨٢ : ١٠٨ قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ، أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وسواء كان المعنى : أنا ومن اتبعني يدعو إلى اللّه على بصيرة، أو كان الوقف عند قوله : أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ ثم يبتدئ : عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي فالقولان متلازمان. فإنه أمره سبحانه أن يخبر أن سبيله الدعوة إلى اللّه. فمن دعا إلى اللّه تعالى. فهو على سبيل رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم، وهو على بصيرة، وهو من أتباعه، ومن دعا إلى غير ذلك فليس على سبيله، ولا هو على بصيرة، ولا هو من أتباعه. فالدعوة إلى اللّه تعالى هي وظيفة المرسلين وأتباعهم، وهم خلفاء الرسل في أممهم. والناس تبع لهم. واللّه سبحانه قد أمر رسوله أن يبلغ ما أنزل إليه من ربه وضمن له حفظه وعضمته من الناس.
وهؤلاء المبلغون عنه من أمته لهم من حفظ اللّه وعصمته إياهم بحسب قيامهم بدينه، وتبليغهم له، وقد أمر النبي صلّى اللّه عليه وسلّم بالتبليغ عنه ولو آية، ودعا لمن بلغ عنه ولو حديثا.


الصفحة التالية
Icon