ص : ٤٩٤
قالوا : وأقوال السلف تدل على هذا. قال سعيد بن جبير عن ابن عباس : إن اللّه يرفع ذرية المؤمنين في درجتهم. وإن كانوا دونهم في العمل، لتقرّ بهم عيونهم. ثم قرأ هذه الآية. وقال ابن مسعود في هذه الآية : الرجل يكون له القدم، ويكون له الذرية، فيدخل الجنة، فيرفعون إليه، لتقرّ بهم عينه، وإن لم يبلغوا ذلك. وقال أبو مجلز : يجمعهم اللّه له، كما كان يحب أن يجتمعوا في الدنيا. وقال الشعبي أدخل اللّه الذرية بعمل الآباء الجنة.
وقال الكلبي عن ابن عباس : إن كان الآباء أرفع درجة من الأبناء رفع اللّه الأبناء إلى الآباء. وإن كان الأبناء أرفع درجة من الآباء رفع اللّه الآباء إلى الأبناء. وقال إبراهيم : أعطوا مثل أجور آبائهم ولم ينقص الآباء من أجورهم شيئا.
قال : ويدل على صحة هذا القول : أن القراءتين كالآيتين، فمن قرأ وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ فهذا في حق البالغين الذين تصح نسبة الفعل إليهم، كما قال تعالى : ٩ : ١٠٠ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ ومن قرأ ٥٢ : ٢١ وأتبعناهم ذرياتهم فهذا في حق الصغار الذين أتبعهم اللّه إياهم في الإيمان حكما. فدلت القراءتان على النوعين.
قلت : واختصاص الذرية هاهنا بالصغار أظهر، لئلا يلزم استواء المتأخرين والسابقين في الدرجات. ولا يلزم مثل هذا في الصغار، فإن أطفال كل رجل وذريته معه في درجته. واللّه أعلم.