ص : ٥١٢
لأنه يستر داخله بالأشجار ويغطيه. ولا يستحق هذا الاسم إلا الموضع الكثير الأشجار المختلفة الأنواع.
والجنة- بالضم- ما يستجن به، من ترس أو غيره. ومنه قوله تعالى :
اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً يستترون بها من إنكار المؤمنين عليهم. ومنه الجنة- بالكسر- وهم الجن، كما قال تعالى : مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ.
وذهبت طائفة من المفسرين إلى أن الملائكة يسمون جنة. واحتجوا بقوله تعالى : ٣٧ : ١٥٨ وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً قالوا : وهذا النسب قولهم : الملائكة بنات اللّه. ورجحوا هذا القول بوجهين.
أحدهما : أن النسب الذي جعلوه إنما زعموا أنه بين الملائكة وبينه لا بين الجن وبينه.
الثاني : قوله تعالى : وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ أي قد علمت الملائكة أن الذين قالوا هذا القول محضرون للعذاب.
والصحيح : خلاف ما ذهب إليه هؤلاء، وأن الجنة هم الجن أنفسهم، كما قال تعالى : مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ وعلى هذا ففي الآية قولان.
أحدهما : قول مجاهد : قال : قالت كفار قريش : الملائكة بنات اللّه.
فقال لهم أبو بكر : فمن أمهاتهم؟ قالوا : سروات الجن. وقال الكلبي : قالوا تزوج من الجن، فخرج من بينهما الملائكة. وقال قتادة، قالوا : صاهر الجن. والقول الثاني : هو قول الحسن. قال : أشركوا الشياطين في عبادة اللّه. فهو النسب الذي جعلوه.
والصحيح قول مجاهد وغيره.
وما احتج به أصحاب القول الأول ليس بمستلزم لصحة قولهم. فإنهم لما قالوا : الملائكة بنات اللّه، وهم من الجن، عقدوا بينه وبين الجنة نسبا


الصفحة التالية
Icon