ص : ٦٢٨
ابن الأعصم سحرن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم.
هذا جواب أبي عبيدة وغيره. وليس هذا بسديد. فإن الذي سحر النبي صلّى اللّه عليه وسلّم هو لبيد بن الأعصم، لا بناته، كما جاء في الصحيح.
والجواب المحقق : أن النفاثات هنا : هن الأرواح والأنفس النفاثات لا النساء النفاثات. لأن تأثير السحر إنما هو من جهة الأنفس الخبيثة، والأرواح الشريرة وسلطانه إنما يظهر منها. فلهذا ذكرت النفاثات هنا بلفظ التأنيث، دون التذكير. واللّه أعلم.
ففي الصحيح : عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة «أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم طبّ، حتى إنه ليخيّل إليه أنه صنع شيئا وما صنعه، وإنه دعا ربه، ثم قال :
أشعرت أن اللّه قد أفتاني فيما أستفتيه فيه؟ فقالت عائشة : وما ذاك يا رسول اللّه؟ قال : جاءني رجلان، فجلس أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجليّ فقال أحدهما لصاحبه : ما وجع الرجل؟ قال الآخر : مطبوب. قال : من طبّه؟ قال : لبيد بن الأعصم. قال فيما ذا؟ قال : في مشط ومشاطة، وجفّ طلع ذكر. قال : فأين هو؟ قال : في ذروان، بئر في بني زريق. قالت عائشة رضي اللّه عنها فأتاها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ثم رجع إلى عائشة فقال : واللّه لكأن ماءها نقاعة الحنّاء، ولكأن نخلها رؤوس الشياطين. قالت : فقلت له :
يا رسول اللّه، هلّا أخرجته؟ قال : أما أنا فقد شفاني اللّه، وكرهت أن أثير على الناس شرا. فأمر بها، فدفنت»
قال البخاري : وقال الليث وابن عيينة عن هشام «في مشط ومشاقة».
ويقال : إن المشاطة : ما يخرج من الشعر إذا مشط، والمشاقة : من مشاقة الكتان.
قلت : هكذا في هذه الرواية : أنه لم يخرجه، اكتفاء بمعافاة اللّه له.
وشفائه إياه.