ص : ٦٤٣
وأما وصفهم بالحسد فكثير في القرآن. كقوله تعالى : ٤ : ٥٥ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وفي قوله : ٢ : ١٠٩ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ.
والشيطان يقارن الساحر والحاسد، ويحادثهما ويصاحبهما. ولكن الحاسد تعينه الشياطين بلا استدعاء منه للشيطان. لأن الحاسد شبيه بإبليس، وهو في الحقيقة من أتباعه. لأنه يطلب ما يحبه الشيطان من فساد الناس، وزوال نعم اللّه عنهم، كما أن إبليس حسد آدم لشرفه وفضله، وأبى أن يسجد له حسدا. فالحاسد من جند إبليس. وأما الساحر فهو يطلب من الشيطان أن يعينه ويستعينه. وربما يعبده من دون اللّه، حتى يقضي له حاجته، وربما يسجد له.
وفي كتب السحر والسر المكتوم من هذا عجائب. ولهذا كلما كان الساحر أكفر وأخبث وأشد معاداة للّه ولرسوله ولعباده المؤمنين كان سحره أقوى وأنفذ. وكان سحر عباد الأصنام أقوى من أهل الكتاب، وسحر اليهود أقوى من سحر المنتسبين إلى الإسلام. وهم الذين سحروا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
وفي الموطأة عن كعب قال :«كلمات أحفظهن من التوراة، لولاها لجعلتني يهود حمارا : أعوذ بوجه اللّه العظيم، الذي لا شيء أعظم منه، وبكلمات اللّه التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، وبأسماء اللّه الحسنى، ما علمت منها وما لم أعلم : من شر ما خلق، وذرأ، وبرأ».
والمقصود : أن الساحر والحاسد كل منهما قصده الشر، لكن الحاسد بطبعه ونفسه وبغضه للمحسود، والشيطان يقترن به ويعينه، ويزين له حسده، ويأمره بموجبه. والساحر بعلمه، وكسبه، واستعانته بالشياطين.