ص : ٦٤٧
والالتجاء إليه، والاستعاذة به من شر حاسد النعمة. فهو مستعيذ بولي النعم وموليها. كأنه يقول : يا من أولاني نعمته وأسداها إليّ أنا عائذ بك من شر من يريد أن يستلبها مني، ويزيلها عني. وهو حسب من توكل عليه، وكافى من لجأ إليه، وهو الذي يؤمن خوف الخائف، ويجير المستعير. وهو نعم المولى ونعم النصير. فمن تولاه واستنصر به، وتوكل عليه وانقطع بكليته إليه، تولاه وحفظه وحرسه وصانه. ومن خافه واتقاه أمّنه مما يخاف ويحذر.
وجلب إليه كل ما يحتاج إليه من المنافع ٦٥ : ٢، ٣ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ. وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ فلا تستبطئ نصره ورزقه وعافيته. فإن اللّه بالغ أمره. وقد جعل اللّه لكل شيء قدرا. لا يتقدم عنه ولا يتأخر. ومن لم يخفه أخافه من كل شيء، وما خاف أحد غير اللّه إلا لنقص خوفه من اللّه. قال تعالى : ١٦ : ٩٨، ٩٩ فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ. إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ. إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ وقال : ٣ : ١٧٥ إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ. فَلا تَخافُوهُمْ، وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ أي يخوفكم بأوليائه، ويعظمهم في صدوركم. فلا تخافوهم، وأفردوني بالمخافة أكفكم إياهم.
فصل
ويندفع شر الحاسد عن المحسود بعشرة أسباب.
أحدها : التعوذ باللّه من شره، والتحصن به واللجأ إليه. وهو المقصود بهذه السورة، واللّه تعالى سميع لاستعاذته، عليم بما يستعيذ منه، والسمع هنا المراد به : سمع الإجابة، لا السمع العام. فهو مثل قوله :«سمع الله لمن حمده» وقول الخليل صلّى اللّه عليه وسلّم : ١٤ : ٣٩ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ ومرة يقرنه بالعلم، ومرة بالبصر، لاقتضاء حال المستعيذ ذلك. فإنه يستعيذ به من عدو يعلم أن اللّه يراه، ويعلم كيده وشره. فأخبر اللّه تعالى هذا المستعيذ